عم محمد رشاد هو أقدم سائقى برج القاهرة الذين بدءوا رحلتهم 15 سائقاً لا يتبقى منهم الآن سوى 8 فقط، عمره 62 عاماً قضى نصفهم بالضبط أمام ظهره اللوتس العملاقة التى بناها ناصر رمزاً للكرامة المصرية، بسيارة قسط دفع مقدمها 650 جنيها، ليقضى الرحلات فى توصيل زبائن برج القاهرة، ثم العودة لانتظار زبون آخر، حتى أصبحت أوراقه الآن مسجلة فى شرطة السياحة، ومديرية أمن القاهرة كسائق برج القاهرة.
كل شخص يدخل البرج له الآن أهمية خاصة عند السائق العجوز، فربما عقب دقائق يقوم الزائر العادى بإلقاء نفسه من أعلى البرج، ليصبح الشخص الأهم فى مصر لأسبوع أو اثنين قبل أن ينساه الجميع، عم محمد شاهد آخر 4 حوادث انتحار شهدها البرج خلال السنوات الأخيرة، والشىء الوحيد الذى ميز منفذيها بالنسبة له هى مشيتهم السريعة وهم يدخلون ليلقوا بأنفسهم ليلاقوا موته تنهى حياتهم وتبدأ شهرتهم الوقتية يقول "تقريباً عزرائيل بيكون راكبهم عشان يجروا على الموت، ونفسهم الناس كلها تعرف أنهم ماتوا مش بس مجرد أنهم يموتوا ويتنسوا".
حكاية تأجير البرج لمستثمر لبنانى شاهدها سائق البرج بعيون مختلفة، وقتها كان شارع البرج هادئ، والمساحة المتواجدة أمام المبنى الشاهق مليئة بالزرع، قبل أن تخترقها سيارة "ميتسوبيشى" يقول: "لما سألنا مين ده قالوا ده اللى اشترى البرج، وبعد وقت عرفنا أنه مستثمر لبنانى واتشارك مع مستثمر مصرى وأجروا فندق كليوباترا وشهرزاد والبرج فى شروة واحدة وبعد المشاكل اكتفى المصرى بالفنادق واللبنانى بالبرج، ولما مات ابنه ورثة دلوقتى".
رؤية عم محمد لهذه القصة الآن تتلخص فى أن الحكومة مش فاهمة يعنى أيه البرج يتأجر، يرتفع صوته وهو يصرخ "طيب أيام مبارك وقولنا فساد، لكن دلوقتى الأكيد أن ولا مرسى، ولا هشام قنديل، ولا وزير السياحة فاهمين يعنى أيه برج القاهرة يتأجر، حتى لو الإخوان بيكرهوا عبد الناصر بس لازم يفهموا أن ده جزء من تاريخ مصر ما ينفعش نرميه أو نأجره".
مشوار مع سائحتين سعوديتين إلى البرج كان هو بوابة سائق البرج للوقوف فى هذا المكان، حتى الآن يتذكر أسماءهم الاثنين ويقول "كانت واحدة اسمها مدام بلقيس، ومدام نائلة "السيدتان قررا الذهاب إلى البرج ليطلا على مصر وتركا عم محمد ليطل هو على الزبائن فى انتظارهم بالأسفل، عشرات الطوابير، وسرعة العمل، وبعض من أصبحوا بعد ذلك زملاء وتركوا المكان الآن، إما للوفاة أو للتعب يقومون بانتقاء الزبائن، "من وقتها قررت أن أبقى معاهم ودخلت وسطهم بصعوبة، لحد ما بقينا عشرة وأكثر من الأهل، ودلوقتى أنا كبير المكان، ومستنى يوم الراحة بمشروع صغير عشان أجى أقعد هنا بس من غير سواقة ومشاوير".




