وجهه يحمل تجاعيد تاريخ من الأساطير، تهزم الطيبة والبساطة ملامح القسوة التى قد تبديها لك سواطيره، ولون الدم الواضح على ملابسه، تنسج لك حكايات طويلة بطلها هو شيخ الجزارين.
إنه "الداش على عبد القادر" الذى مازال واقفا داخل محل جزارته بمذبح السيدة زينب، مرتديا فى قدميه "توزلوك" الجزارة وممسكا بيديه المَسن والسلاح منهمكا فى تحضير البضاعة للبيع فى مهارة وخفة وسرعة ودقة جراح، وفى نفس الوقت يظل مراقبا لأحوال الجزارين فى صمت فهو لا يدخر جهدا فى "تخليص" أى "خناقة" وحل أى مشكلة بين أبناء مهنته.
"عبد القادر" البالغ من العمر "40 عاما"، يقول إن عائلته المعروفة باسم "داش" حرصت على تعليمه وإخوته مهنة الجزارة وبعد شهرين أصبحوا يطلقون عليه لقب "معلم" بسبب مهارته، ومن ذلك الوقت بات يعمل تحت إشرافه أكثر من 30 جزارا صغيرا.
وعن لقب شيخ الجزارين الذى أطلق عليه، قال "داش" مبتسما: "بقالى 25 سنة فى الجزارة ولقب شيخ الجزارين لا يأتى من فراغ، ولكن من السمعة الطيبة، والقدرة على حل جميع مشاكل الجزارين داخل المدبح وخارجه ومتابعة حركات البيع والشراء"، ويقول عن نفسه "أنا دخلت ولادى مدارس أجنبى، وبلبس البدلة والقميص زى البهوات".
وتابع قائلا: المدبح عبارة عن عائلات كبيرة لها تاريخها واسمها فى السوق ووجود أى غريب بينهم "هيكون وقعته مش فايتة"، لأنه ببساطة، كما يقول عم عبد الرازق، "لازم يبقى فى حاله علشان ما يدخلش نفسه فى مشاكل".
شيخ الجزارين حكى لـ"اليوم السابع" سر نجاحه قائلا: "تعلم الجزارة يحتاج إلى وقت طويل، وليس لبضعة أسابيع فقط كما يحدث فى الوقت الحالى، والمفروض على الجزار أن يحب المهنة، ويفهم طريقة التعامل مع اللحوم وأنواعها، وأن يدرك من نظرة واحدة ما يحتاجه الزبون".
"عم عبد القادر" لا يعتبر أن التجارة بالمدبح قاصرة على اللحوم فقط ولكن هناك نوعا آخر من التجارة مرتبطا بطبيعة السوق وهو تجارة الأسلحة الحادة من سكاكين وسواطير وغيرهما من مستلزمات الجزارة.
"الناس مبقاش لها نفس تاكل والموسم واقع والزبون مقتول" هكذا يبادر عم عبد الرازق بالقول، لافتا إلى أن الارتفاع الأخير فى أسعار اللحوم دفع العديد من الزبائن إلى مقاطعتها والتركيز على بدائل أخرى مثل الكرشة والكبدة والممبار والكوارع ولحمة الراس التى شهدت رواجا خلال الفترة الأخيرة على حساب اللحوم.
ويستطرد "شيخ الجزارين" قائلا: "إحنا اقتصاد البلد وبنجيب للحكومة فلوس أكتر من أى شغلانة تانية وتجارة اللحوم لو وقعت البلد هتخسر كتير".
وعن أمنيات شيخ الجزارين يقول: "نفسى يبقى معترف بينا رسميا وعايز يبقى لنا كارنيه ومعاش وتأمينات ونقابة تاخد بالها من مشاكلنا وخصوصا العمال الصغيرين اللى بيشتغلوا باليومية فى محلات الجزارة مالهمش أى حقوق ولا ضامنين مستقبلهم".
25 سنة سلــخ ودبــح ويرتدى القميص والبنطلون
عم عبد القادر "شيخ الجزارين":الناس مبقاش لها نفس تاكل والزبون مقتول"
الإثنين، 10 يونيو 2013 05:15 م