إذا كنت من مريدين الجلوس فى منطقة وسط القاهرة، فأنت ربما رأيته مئات المرات، ولكنك لم تسأل يوماً من صاحب هذا البناء الضخم الذى لم يتبق منه سوى بعض من الشبابيك الخشبية المتهالكة، والصدأ الذى طغى وسيطر على حديد بوابته الصفراء التى كانت بالتأكيد فاقعة الأصفرار حين تم بناء هذا المنزل، اللون الفاقع اقترب إلى اللون الأسود نتيجة للإهمال الذى تعرض له وكميات الأتربة التى احتلت كل شبر به عقب رحيل صاحبه.
المبنى القائم فى أول شارع محمود بسيونى، والمقابل لتمثال عبد المنعم رياض، يعود تاريخه إلى عشرات السنين، إذا تأملت فيه للحظات ربما ستجزم أن صاحب هذا البيت هو رجل مصرى أصيل، لجودته فى بناء كل شبر فى هذا المنزل، على طريقة البيوت المصرية القديمة، ولكن قليلاً هم من يعرفون مالك هذا البيت، وهو الرسام الإيطالى الأصل "يوسف كوربيان"، أو كما يلقبه المقيمون فى نفس شارعه، "الخواجة" الذى عاش فى هذا البيت لسنوات طوال، وكان بيته مزاراً لأشخاص كثيرين من جميع أنحاء العالم.
قليلون من يعرفون تفاصيل موته أو رحيله عن هذا البيت، الذى أصبح برحيله كئيباً، كما يعرف جرجس حنا أحد جيران "يوسف كربيان"، حيث أكد فى حديثه لـ"اليوم السابع" أن كربيان كان رساماً كبيراً، ويقول: "كان الناس بتجيله كتير قوى من كل مكان، وكان عايش بمفرده لم يتزوج، ظل فى هذا البيت لسنوات حتى فوجئنا فى يوم بغيابه، لنكتشف بعدها أنه قد توفى".
يكمل جرجس حديثه قائلاً: بعد وفاته خرج الكثيرون من المصريين المقيمين فى المنطقة بأوراق تقول إنه قد باع لهم البيت قبل وفاته، وهو ما أثبتته المحكمة فيما بعد، بأن الأوراق مزورة، ويضيف حنا: "كلنا نعلم أن الرسام لم يكن له ورثة على الإطلاق فطمع الجميع فيه بعد وفاته، وأرادوا الاستيلاء على المنزل الذى أشعر بالحزن كلما مررت بجواره، فهذا المنزل الذى يحتوى على لوحات ورسومات للفنان لابد أن تهتم به الدولة ولو قليلاً، ولكن الحيوانات والفئران هى من احتلت البيت بأكمله فأصبح بيت "مهجور".
ويتابع حنا: "دلوقتى بيتباع قدام البيت فول، وساعات عيال ضايعة بينطوا من البوابة ويدخلوا يشربوا حشيش جوه" وأشار: "كنت أتمنى أن يكون هذا البيت مزاراً أو مكاناً مهماً تستغله الدولة وتحط اسم الرسام عليه".
قول على الفن السلام..
متحف لرسام إيطالى.. حصرياً للكلاب والقطط والبنى آدمين يمتنعون
الثلاثاء، 07 مايو 2013 04:02 م