فى منتصف الساحة المزدحمة بفرشات الرصيف، استقرت معلنة عن عدم انتمائها للواقع الذى امتد خلفها بضوضائه العالية وزحامه الخانق، سيارة أنيقة بمدخنة "آخر شياكة" بداخلها ظهر مطبخ مجهز ووقف شاب بملابس نظيفة لتقديم الشاى والقهوة للزبائن، هى التى كسرت مشهد "السويقة" بمنطقة "سيدى جابر المحطة" منذ عدة أيام، السيارة لم تكن مجرد فرشة أخرى من ضمن فرشات الساحة، التى تحولت إلى بؤرة أخرى من بؤر الأسواق العشوائية فى الميادين الكبرى، كما أكد "سامح الحناوى"، المنسق العام لمشروع "الكوفى كار"، الذى وضع أساساته مجموعة من شباب الإسكندرية، فى محاولة لحل أزمة الباعة الجائلين بفكرة جديدة تقوم على تحويل الفرشات إلى سيارات نظيفة مجهزة تنهى مشهد السوق العشوائية، والفرشات المتناثرة ومشاجرات الباعة فى الشوارع.
القطار المجهز "بشياكة" فى ساحة سيدى جابر ليست هى التجربة الأولى من نوعها فى مشروع "الكوفى كار" هكذا بدأ "سامح" حديثه عن الفكرة التى بدأت بسيارة أخرى على شكل "كنزاية" فى منطقة "سان ستيفانو"، وعن مشروع التخلص من الباعة الجائلين يقول "سامح": الفكرة ليست مجرد مشروع للربح، بل هى مشروع قومى للتخلص من أزمة الباعة الجائلين، بطريقة مبتكرة لن تكلف الدولة "مليم أحمر"، وفى نفس الوقت لن تؤدى إلى "قطع عيش" الباعة الذين لجئوا للوقوف فى الشارع بدلاً من اللجوء للسرقة.
يشرح "سامح" بشكل أكثر تفصيلاً عن المشروع، الذى تكدست أوراقه فى مقر محافظة الإسكندرية شهراً تلو الأخر فى انتظار إلقاء نظرة من المسئولين على الفكرة التى أثبتت نجاحها بالفعل، ولكن دون جدوى، ويقول "سامح": المشروع يحل أزمة الباعة الجائلين بفكرة بسيطة لا تحتاج لتكلفة، تبدأ الفكرة بالتخلص من الفرشات العشوائية للباعة الجائلين، وتصميم عربات صغيرة مجهزة "على نظافة"، لجمع الباعة داخل سيارة مصممة على شكل "قطار توربينى"، يتكون من بكيات متعددة لوقوف الباعة ويتقدم الباعة بأوراقهم للمحافظة ويتم تقنين وقوفهم ودفع فواتير الكهرباء والأرضية للدولة، بدلاً من المحاولات الفاشلة بالتخلص منهم بحملات "البلدية" التى ينتهى بها الأمر بإعادتهم إلى أماكنهم بعد دفع غرامة".
أما عن رحلة تنفيذ المشروع الذى يؤكد "سامح" أنه لن يكلف الدولة بل سيزيد من الدخل، فيقول: بعد التخطيط للمشروع مع مجموعة كبيرة من المتطوعين والمشاركين فى الفكرة توجهنا قبل عام من الآن فى محاولة للقاء المحافظ أو الحصول على موعد مع أحد المسئولين، لعرض الفكرة والبدء فى تنفيذها، ولكننا لم نقابل سوى التجاهل والرفض.
أما عن التمويل فيقول "سامح": التمويل مشكلة تم حلها بالفعل من خلال التعاقد مع الشركات الكبرى، التى رحبت باستغلال "كوفى كار" كمساحة إعلانية فى مقابل تمويل المشروع، الذى لا يحتاج الآن سوى التصريحات من المحافظة بتحويله إلى مشروع يضم جميع الباعة الجائلين، وتنظيف الميادين من الفرشات العشوائية، والبدء فى إجراءات تقنين الأسواق العشوائية.
لم ينتظر "سامح" وغيره من أصحاب الفكرة، وقرروا إطلاق المشروع وتحويله إلى وضع قائم على أرض الواقع، صمموا شكل العربة ونفذوها وبدءوا فى العمل بها فى منطقة "سان ستيفانو"، ثم منطقة "سيدى جابر المحطة"، محاولات لا تنتهى لتنفيذ المشروع على نطاق أكبر هى محاولاتهم طوال الأشهر الماضية فى إقناع المحافظة، فى الاعتراف بالفكرة كحل سهل لأزمة الباعة الجائلين، ويقول "سامح": "إحنا أطلقنا الفكرة، والموضوع بتاع الدولة، عايزين بنى آدم محترم فى إيده قرار، الموضوع مش محتاج أكتر من إمضا على ورق هتحل أزمة وهتغير واقع".
من فرشة على الرصيف إلى عربة "آخر شياكة"..
"كوفى كار" مشروع إسكندرانى لحل أزمة الباعة الجائلين من غير ولا "مليم"
الخميس، 30 مايو 2013 11:16 م
صورة أرشيفية