يملأ وجهها العناد والدموع معا، ويغلف نبراتها الحزن والإصرار فهى مصدر السعادة والعطاء الذى لا ينضب، صنعت من المعاناة وقسوة الظروف الكبرياء، وحولت الحرمان إلى طاقة تمرد على الظروف، فهى الأم التى وضعت حياتها بين يدى أبنائها، ودفنت أحلامها فى أعماق قلبها، ونسجت من أحزانها ثياب فرح كست به أيتامها، وصنعت من عوزها غنى.
هى "عزة" بائعة الطيور التى تفترش مكانها بسوق إمبابة، فهى أرملة ضعيفة ينتظرها أفواه جائعة تغادر منزلها بعد صلاة الفجر لتبدأ يوما من العمل الشاق وتمضى عشرات السنين والأم لا تكل ولا تمل من الاهتمام والرعاية لأنها باختصار مازالت تحمل قفصها وطيورها وتفترش الأرض ببسمة من الضوء.
"عزة" لا تزال تتذكر كيف كان شكل حياتها بزوجها الذى فقدته، لتتحول من ربة منزل إلى أرملة فى مقتبل العمر، تشعر أنها ضائعة.. مشتتة.. حائرة بين قرارات صعبة فى حياتها لا تعرف كيف تتخذ الخطوة المناسبة لتجعل منها قرارات حكيمة فى الحياة لترسم من خلالها ملحمة إنسانية هى الأصلب فى المحن والأشد فى مواجهة الأزمات.
الأم الحنون تروى لـ"اليوم السابع": "جوزى مات وأنا عندى 28 سنة، ومعايا ولدين وبنت أصغرهم عنده 3 سنوات، عشت عليهم وعلمتهم وكبرتهم وشغلانة الطيور دى اللى فاتحة بيتى وساعدتنى أدخل أولادى المدارس"، وتضيف: وضعت كل آمال الحياة عليهم، وعن مخاوفها تؤكد أن كثيراً من الأبناء يلتصقون بأمهم التى ضحت فى الحياة من أجلهم وفضلتهم على حياتها، ولكنهم حينما يكبرون ينسون ذلك، وحتى مع تذكرهم فإن الحياة تأخذهم بانشغالاتها وظروفها الصعبة وتتحول الأم التى ضحت إلى شىء زائد عن الحاجة.
وأضافت أن التضحية كبيرة وثمنها باهظ جداً، فكثيراً ما شعرت بالحنين إلى حياة تعيشها فى راحة فى ظل زوج ثان تشعر معه بالأمان والاستقرار، ولكنها كانت تخشى أن تخسر أبنائها أو لا يتقبل من تتزوج به أبناؤها، ففضلت التضحية التى ترى أنها لن تندم عليها أبدا.
عزة دفنت أحلامها فى بيع الطيور بعد وفاة زوجها عشان أكل عيشها
الإثنين، 27 مايو 2013 04:23 ص