فى حفل توقيع رواية "الشحاتة فى صيف يناير"..

"الشحاتة" تنذر بسقوط السوق الحرة

الإثنين، 27 مايو 2013 02:02 م
"الشحاتة" تنذر بسقوط السوق الحرة الحضور فى حفل توقيع الرواية
كتبت إيناس كمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم الاعتراضات والجدل، فإن هناك إجماعا عاما على أن الشحاتة أصبحت جزءا لا يتجزأ من واقع الشعب المصرى بعد ثلاثة عقود من حكم النظام السابق الذى حول اقتصاد السوق إلى أداة لإفقار الشعوب وخلق ما يعرف بـ"طبقة الخمس" والتى لا تعنى إلا تركيز ثروات البلاد فى أيدى قلة تستحوذ على السلطة والمزايا التى تلتصق بالمجتمعات الرأسمالية.

تلك كانت الخلاصة التى اختتمت بها الندوة التى أقيمت بأتيليه القاهرة للفنون لحفل التوقيع الأول ولمناقشة رواية (الشحاتة فى صيف يناير) للكاتب الصحفى أحمد كفافى بحضور عدد من النقاد والكتاب والأدباء الصحفيين.

"الشحاتة فى صيف يناير" والتى صدرت الشهر الماضى فى طبعة خاصة، هى العمل السادس لكفافى بعد (دعوة للموت) و(بين بين) و(عانس مودرن ستايل) و(نمولة حائرة) و(حبيبى أون لاين).

أدارت الندوة القاصة منى ماهر وناقش الرواية المخرج المسرحى والناقد أحمد عادل الذى بدأ النقاش بلفت نظر الحضور إلى المفارقات التى يزخر بها عنوان الكتاب، فهناك (الصيف ويناير) الذى هو أبرد فصول السنة، وهناك (شرقى) بطل الرواية وهو فلاح مصرى صميم يحمل ملامح أوروبية كالشعر الأشقر والعيون الخضراء بينما يحمل آسر ابن شيرين (بطلة الرواية) ملامح شرقية تقليدية قد تعوقه عن الاندماج فى المجتمع الأمريكى الذى هاجر إليه أبواه منذ أكثر من عقدين.

كما أشار الناقد أيضا إلى أن كلمة (يناير) أصبحت مرادفا للثورة مثلما أصبحت (الشحاتة) بديلا للانتفاضات والاحتجاجات، مضيفا أن هناك تصريحا واضحا على ظهر الغلاف يعبر فيه الكاتب عن أن الشحاتة تحل الآن محل الأيديولوجيات المعروفة كالرأسمالية والشيوعية وغيرهما.

تدور (الشحاتة فى صيف يناير) حول شيرين التى تصل من نيويورك إلى القاهرة قبيل اندلاع ثورة 25 يناير بعد غياب عن وطنها دام أكثر من عشر سنوات حيث هاجرت للولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية التسعينات مع زوجها مهاب وابنها آسر.

لم تكن زيارتها لمصر إلا هربا من حالة نفسية اعترتها بعد حدوث سيول وفيضانات أسفرت عن غرق بيتها بولاية (رود آيلاند) المطلة على الأطلنطى والتى تطول فيها شهور الشتاء مثلما تطول فى سائر أنحاء الولايات المتحدة الشمالية.

خلال رحلتها فى البحث عن السكينة والدفء فى مصر تندلع الثورة، فتشاء الأقدار أن تلتقى خادمها القديم "شرقى" وسط جموع المتظاهرين، لكنه ليس "شرقى" الذى قام على خدمتها فى بيت أبيها بالقاهرة وبيت زوجها فى "رود آيلاند"، لقد ظهر "شرقى" فى صورة "شحات" فلم تتعرف عليه إلا عن طريق إحساسها الصادق.

لكنه يظل ينكر هويته وسط إصرار شيرين على كشفه، فينتهى هذا الكشف بمغامرة فريدة من نوعها فى عالم الشحاتة الذى يعيش داخله "شرقى" حيث تحول فيه التسول إلى أسلوب حياة ومؤسسة، على حسب قول كفافى، "مؤسسة تُدار من قبل الناس لصالح الناس".

وأشادت منى ماهر بالرواية مشددة على أنها ربما كانت واحدة من الأعمال القليلة التى لم تبرز فيها الثورة فى شكل تقرير سياسى.

وتضيف ماهر: "على العكس، الثورة كانت مبررا للأحداث الدرامية حيث تم الخلط بينها وبين وقائع التحرير ببراعة فائقة"، موضحة "ربما استوقفنى هذا المزج الرائع بين الفيضانات التى اجتاحت منزل شيرين فى "رود آيلاند" وبين الفيضان البشرى الذى اجتاح التحرير بدءا من 25 يناير، فهناك سمة مشتركة بينهما وهى أن الفيضانات تمحو الذكريات، فلما فاض المحيط وأغرق بيت شيرين محا معه الصور والكتب واللوحات التى شكلت جزءا مهما من ذكرياتها، أما يوم 25 يناير فلقد نسى الشعب القلة القليلة من أعمال مبارك الطيبة بعد أن طغى الظلم والفساد وراحت الجموع تجتاح البلاد تعبيرا عن غضبها".

وفى كلمته حول الرواية أشار كفافى إلى أنه كان دائما مهموما بما آلت إليه أحوال البلاد نتيجة تطبيق نظام السوق الحرة فى صورته الشرسة، كما لفت نظره تزايد نسب المتسولين سواء كانوا باعة جوالة أو شحاذين أو هؤلاء الذين يحفرون فى أكوام القمامة بحثا عن شىء يبيعونه أو يقتاتونه.

ويعلق كفافى: "جاءت ملاحظاتى هذه قبل قيام الثورة بعدة سنوات فقررت أن أكتب رواية تدور حول ثلاث متسولين يصلون إلى الثراء عن طريق الشحاتة وتفرق بهم السبل فيطغى اثنان منهما بينما يحاول الثالث أن يحول الشحاتة إلى مؤسسة لإنقاذ الشعب من أنياب حيتان الرأسمالية.

ويضيف: "غير أنى أودعت المسودة جانبا بعد أن شعرت أن العمل سيصبح مجرد تعبير عن أفكار نظرية؛ لكن جاءت الثورة فأحيت الفكرة، فقررت أن أختزل الأبطال الثلاثة فى بطل واحد يصارع حيتان السوق بعد أن جرفه شعار (من الخرق البالية إلى الثراء الفاحش)، وكان فعلا ذلك أصدق لأن ثورة يناير لم تكن إلا حركة مضادة لشرور نظام السوق الذى خلق طبقة الخمس وشجع روح المخاطر التجارية غير المسحوبة فأفسد المجتمع وقيمه".

وفى تعقيب الحضور على الندوة أسهب البعض فى موضوع الشحاتة الدولية وكيف أن مصر أصبحت تستجدى الدول الأخرى والبنك الدولى بعد أزمتها.

بينما لفت الناقد أحمد عادل النظر إلى تقلص دور الدولة وغياب أهدافها، على عكس ما كان عليه الحال فى عصر عبد الناصر والسادات، وشدد الكاتب مصطفى ريان على أن الشحاتة فعلا أصبحت مؤسسة لها درجاتها وحيثياتها لكنها لا تعمل للصالح العام كما يرجو "شرقى" فى الرواية، حيث يقول عادل: "لقد وصل الحال إلى هذا المستوى المتدنى لعدم وجود هدف لنظام مبارك".

فيما عبر كل من سامح المصرى ومحمد عبد الجواد، من الحضور، عن رفضهما لفكرة الشحاتة، لكن عارضهما الناشر إسلام فتحى مجادلا أنها واقع لا يمكن تجاهله.

ويرفض المؤلف تدويل موضوع الشحاتة ويصر على أنه عالجه فى روايته على أنه حالة إنسانية مجردة ومؤقتة مرت بها جميع الأمم المتقدمة.

ويقول كفافى:" ليست حالة الشحاتة الناتجة عن تطبيق نظام السوق فى عصر العولمة مقصورة على مصر.. إنها محنة عالمية، فلنرجع إلى مواقع الإنترنت لنجد أن هناك مواقع للتسول على الإنترنت تعج بضحايا القروض البنكية والبطاقات الائتمانية بسبب عجزهم عن دفع مصاريف الجامعات وإيجارات المنازل إنها محنة عالمية تنذر بانحدار الرأسمالية وسقوطها.









مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة