"دور على الرزق ورحله".. "عصافير القصب" على كوبرى الغورية

الخفة وسرعة القفز هى المهارات التى اعتاد استخدامها فى التنقل بين زحام كوبرى الغورية، من أسفل شارع "التبليطة" المنحدر فى أعماق حى الأزهر يبدأ رحلته من المحل الصغير إلى الكوبرى حاملاً الصينية المتكدسة بأكواب القصب، يعدل "رجب محمد" الشهير بأوشا من وضع الصينية على كتفه متنقلاً بين زحام السيارات والمارة بحثاً عن "زبون يروى عطشه بجنيه".

مشهد الصوانى المزدحمة بأكواب العصير، والمتناثرة بين شوارع وحوارى مصر القديمة لا تخص "أوشا" وحده، فهى "السبوبة" التى "قطعت عيش" أصحاب محلات العصير الكبرى فى المنطقة وتحولت لمهنة جديدة لا يصلح لها سوى أصحاب "وزن الريشة" للقفز بين السيارات بصينية يجب عليه العودة بها فارغة.

"من جوا فى شارع التبلطية" مشيراً بيده الخالية من صينية العصير إلى زقاق ضيق ملاصق لوكالة الغورى، يدلك "أوشا" على مكان المحلات المتلاصقة فى الشارع الضيق بحارة "سوق التبليطة" التى لا يبدو عليها انتشار محلات عصير القصب "تحت السلم" كما توحى الدكاكين التى لا تتعدى مساحتها مترين طولاً وعرضاً يتردد عليها "الصنايعية والصبيان بالصوانى الفارغة لاستبدالها بغيرها من الأكواب الممتلئة وحساب رحلة الكوبرى".

من بين أكوابه التى يحرص على العودة بها كاملة يتحدث "أوشا" عن "سبوبة التنطيط على الكوبرى" قائلاً: "مافيش زبون جوا، لازم نطلع بالشغل للناس عشان نسترزق، المحلات جوا كانت بتستنى زبون، دلوقتى لازم تروحله برجليك".

يعدل من وضع "الكاب" فوق رأسه فى محاولة للبعد عن عيون أمناء الشرطة المنتشرين حول الكوبرى، ثم ينطلق جرياً وراء إحدى السيارات للحصول على البقشيش والكوب الفارغ، "شكراً يا باشا، طريق أخضر"يكمل "أوشا" حديثه "أمناء الشرطة مش بيدايقونا، بس لما بيقلبوا بيجروا ورانا، دا غير أصحاب المحلات اللى مش عايزنا نسترزق عشان مقطعين عليهم، يكمل "أوشا": عمولتى فى الصينية 4 جنيهات، وصاحب المحل بياخد الباقى، وأنا وشطارتى ممكن أعمل فى اليوم 25 صينية، وكله تنطيط".

مع غيره من زملاء "السبوبة" المتناثرين على الكوبرى والأرصفة، يقف على ناصية شارع الغورية لالتقاط الأنفاس ثم العودة إلى العمل وتوصيل العصير إلى "فم الزبون" فى انتظار "جنيه" ويمكن شوية فكة"، ويقول: مش عاجبهم الشغل يعنى نشحت، لو مدايقيين مننا يعملوا زينا ويروحوا للرزق عشان الرزق بطل يجى بالساهل" ينهى الحديث مسرعاً للحاق بمن أشار له بكوب عصير "الرزق يحب الخفية يا بيه"..