أكثر ما يرهب دول الجوار من اشتعال وتيرة الحرب فى سوريا هو مدى اقتراب تلك النزاعات من أراضيها، إذ يخشى جيران سوريا الخمسة "لبنان والأردن والعراق وتركيا وإسرائيل"، من تبعات النزاع السورى على أراضيهم، سواء كانت تبعات أمنية تتمثل فى نشوب حرب أهلية أو تبعات اجتماعية واقتصادية نتيجة ارتفاع معدل الاجئين السورين لتصل لحوالى مليون ونصف المليون وفقاً لإحصائيات وكالة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
كما أن تفجيرا مدينة "الريحانية" بتركيا جدد المخاوف من امتداد نار الحرب الأهلية فى سوريا إلى دول الجوار، حيث يتوقع أن تصيب نيران الأزمة فى لبنان أو الأردن، لكن الأزمة بدأت فى تركيا عضو حلف الناتو، بتفجيرين خلفا عشرات القتلى، وخرج حينها وزير الإعلام السورى الذى لم يكتفى برد الاتهام ونفيه، بل وصف رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان بأنه "قاتل وسفاح"، وأنه وحكومته يتحملون "مسؤولية مباشرة، سياسية وأخلاقية تجاه الشعبين التركى والسورى، والمنطقة، والعالم"، ليشتعل فتيل الأزمة لحد يصلح معالجته بين الطرفين.
ربما يكون سبب الصراع التركى – السورى، نتيجة عدة عوامل متراكمة أهمها عقب حدوث الانقلاب السياسى فى موقف تركيا حيال سوريا، وسقوط الأنظمة فى مصر وليبيا وتونس، عندما فوجئ الأسد بدعوة أردوغان إلى التنازل عن الحكم، وبعدها قدمت تركيا خطوات استباقية لكسب صف المعارضة السورية بدعم الثوار السوريين ففتحت أراضيها المتاخمة لحماية النازحين وإنشاء مخيمات على جزء من الحدود التى تمتد على طول سبعين كيلومتراً، كذلك تحولت إسطنبول إلى منبر دائم لرفع شكاوى «الائتلاف» والجيش السورى الحر والمجموعات المقاتلة الأخرى، فضلاً عن بعض التكهنات التى خرجت عن بعض المفكرين الأتراك كتصريح الكاتب والباحث التركى «محمد زاهد غل» الذى ارجع أسباب التفجيرين هو التصريحات التركية المتصاعدة حول موضوع استخدام النظام السورى للسلاح الكيماوى، ونشر وحدات طبية على طول الحدود التركية السورية لفحص الجثث والجرحى، للتأكد من وجود أى آثار كيماوية عليها، إضافة إلى تصريحات أردوغان - قبل زيارته لأمريكا- التى أبدى فيها استعداده للمشاركة فى أى حملة عسكرية تشنها واشنطن ضد النظام السورى.
وبعد تصريحات متكررة من الجانب التركى أن نظام الأسد يسعى إلى تجنيد العلويين الأتراك للحرب إلى جانبه، أو على الأقل استخدامهم فى الاستخبارات للتجسس على تحركات اللاجئين ونشاطاتهم، بدأ التوتر والشك ينتقلان إلى العلاقات بين الأتراك العلويين والأتراك السنة، الأمر الذى أدى إلى صدامات متواصلة بينهما، وقتها خرج أردوغان رئيس حزب العدالة والتنمية بتصريح قائلا، إن لسوريا مصلحة فى تصدير الحرب إلى بلاده، للبرهان على مزاعم الأسد أن منطقة الشرق الأوسط ستحترق فى حال تمت التسوية من دونه.
وبالحديث عن لبنان، فإن اندلاع الحرب الأهلية ليس بعيد عن "لبنان والأردن والعراق"، إلا أن ارتفاع مؤشرات نشوب حرب أهلية الأكثر ترجيحاً فى الأردن ولبنان وذلك لعدة أسباب أولا لموقع سوريا الحيوى معهما، ثانيا لتركيبتهما السكانية المعقدة، فضلا عن استضافة الأردن نحو٥٠٠ ألف لاجئ سورى، بينما يستضيف لبنان ٤٠٠ ألف.
أما عن "لبنان" فحدث ولا حرج حيث يشهد لبنان من حين لآخر اشتباكات عنيفة بين مؤيدين للنظام السورى ومعارضين له، وتنامت المخاوف الأمنية فى الداخل بعد تكرار سقوط القذائف والهجمات من سوريا على مناطق لبنانية، وهو أمر يثير الكثير من المخاوف على الأمن اللبنانى الداخلي، فوضع لبنان المتأرجح نتيجة انقسام البلاد لمعسكرين، أحدهما بقيادة «حزب الله» الشيعى الذى يدعم نظام الأسد العلوى، والآخر تقوده قوى «١٤آذار» التى تدعم الثورة السورية ، ويرى محللون أن مثلث سوريا- حزب الله- إسرائيل، هو الجبهة الأخطر التى قد تتحول فى نطاقه الأزمة السورية إلى حرب إقليمية، حيث مثل اعتراف الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، بمشاركة قواته فى معارك سوريا يمثل خطرا كبيراً على الأمن اللبنانى نتيجة تنامى التدعيم المتبادل بين النظام السورى وحزب الله اللبناني، حيث اعلن الثانى بتدعيمهم للثورة السورية فى مقابل منح النظام السورى لسلاح نوعى لم تحصل عليه دولة من قبل لحزب الله.
ويرى محللون أن مثلث سوريا - حزب الله - إسرائيل، هو الجبهة الأخطر التى قد تتحول فى نطاقه الأزمة السورية إلى حرب إقليمية.
أما الوضع فى "العراق" لا يختلف كثيراً حيث اندلعت مؤخراً حرب تصريحات بين الجانبين السورى والعراقي، فرغم تأكيد الحكومة العراقية موقفها المحايد من الأزمة السورية، اعتبر مسئولون عراقيون وقادة فى قوات الصحوة لموطنى، إن جبهة النصرة فى سوريا، المرتبطة بتنظيم القاعدة، تستهدف خلق شرخ فى النسيج الاجتماعى وإذكاء فتنة طائفية فى البلاد، على غرار ما قامت به القاعدة فى العراق خلال السنوات الماضية.
وقد يكون الوضع فى الأردن اقل خطراً، فالأردن كدولة لا تعانى من الانقسامات الطائفية كالحالة اللبنانية، لكنه الأردن دون إرادة أنجذب إلى الصراع، وذلك يجعه بعض الخبراء لعدة أسباب ، أولها أن الأردن معروفة كنقطة تدخل فى الشأن الاردنى، ففى عام 1966 هرب قائد كتائب الصاعقة السورية "سليم حاطور" عبر الحدود الأردنية بمنطقة المفرق بعد فشله فى تنفى عملية عسكرية ضد النظام السورى، لذا يعتبر البعض نشر قوات أمريكية على أراضى الأردنية خطوة رد فعل من الجانب الأردنى لحماية أراضيها بعد اشتداد حدة المعارك على حدوده، ومخاوفه من المتطرفين والسلفيين الذين عبروا الحدود باتجاه سوريا للمساهمة فى إسقاط الأسد.
أما إسرائيل التى أغارت قبل أسبوعين على منطقة عسكرية بالعاصمة دمشق قالت إنها كانت تحوى أسلحة فى طريقها لحزب الله، فإنها تخشى من أمرين، الأول أن تنتقل أسلحة سوريا خاصة البيولوجية إلى يد حزب الله، وهو ما سيؤثر أمنيا على تل أبيب، والأمر الثانى أن تحل المعارضة السورية ومن بينها الإخوان المسلمين محل نظام الأسد، مما سيسبب إزعاجا للقيادة الإسرائيلية التى تحاول الإبقاء على حالة الهدوء التى غلفت ملف الجولان المحتلة منذ عدة سنوات.
خوف بين جيران سوريا من اشتعال الحرب الأهلية.. تركيا ولبنان والأردن والعراق يخشون من استخدام اللاجئين السوريين فى تغيير الخريطة السياسية.. وإسرائيل تراقب الأسلحة السورية المتجهة لـ"حزب الله"
الأحد، 19 مايو 2013 11:58 ص