على بعد أمتار قليلة من وزارة الداخلية، على أطراف شارعى محمد محمود ومنصور، قصر يرجع تاريخه إلى ثمانين عامًا مضت، وتعود وملكيته إلى "القربى باشا"، وكيل وزارة الداخلية فى الثلاثينات من القرن الماضى.
القربى باشا والذى ستتحير كثيرًا حينما لا تجد عنه شيئًا فى كتب التاريخ سوى اضطهاده للأقباط وقتها، بحكم منصبه، حيث عمد إلى تعطيل إجراءات بناء الكنائس، ووضع العديد من الشروط التعجيزية ضد بنائها، حتى أصبح قصره رمزا لذلك فى يوم من الأيام، ترى قصرًا تظهر عليه علامات الزمن وكأن وزارة الداخلية الحالية فى ظل الحكم الإسلامى أصبحت تضطهد "مضطهد الأقباط".
القصر الذى يستقبلك بابه بالارتفاع المعهود للأبواب فى هذه الحقبة، والمزين بزخرفة ونقوش عثمانية ودرجات سلمه القليلة إلى الداخل حيث طابقين، وعددًا لا بأس به من الغرف ونقوش على كل حائط من جدرانه وحتى نوافذه التى طالتها زخرفة ونقوش بألوان مازالت تحتفظ برونقها إلى الآن، اللافت للنظر أن تكون نقوش الطابق الأول منه إسلامية، وأخرى خليط إسلامى متمدن، أما الطابق الثانى فتتميز نقوشه بالطابع الأوروبى.
القصر محاط بحديقة صغيرة تظهر منها أشجار اللبلاب، وقد أحاطت مدخنة القصر حتى غطت عنها ملامحها وزخرفتها العثمانية، ومنذ الوهلة الأولى يأخذك مدخله لتراه تحول إلى مدرسة إعدادية، وتجلت عليه علامات الإهمال وحُفرت أرضيته وبهتت ملامح القصر لتختفى ألوانه الزاهية، وتحول إلى منزل يكاد يشبه منازل الأشباح التى تراها فى أفلام الرعب السينمائية، بدلا من أن يكون كمثيله من القصور التى تحولت لمتاحف ومزارات سياحية.
قصر القربى بحسب وصف مديرة مدرسة القربية الإعدادية بنين، بثينة محمد، إنه يعود إلى عشرات الأعوام، وكان قد تحول فى فترة من الزمن لمدرسة لتعليم القابلات أصول العمل الخدمى والطبى كبديلات للأطباء الذكور فى عمليات التوليد، يتميز كل ركن من أركانه بقيمة من نوع خاص حتى أن الطلاء المزال عن الجدران له قيمة أثرية عالية جدا.
جدير بالذكر أن مدرسة القربية توقف العمل بها وفقا لمرسوم من وزارة التعليم الأساسى، بسبب تجدد الاشتباكات فى ذكرى أحداث محمد محمود من العام الماضى.
القربى باشا كان معروفا عنه الإجحاف والظلم، فإبان وزارة يحيى عبد الفتاح باشا، أصدر منشورًا بشروط خاصة ببناء الكنائس أعطت نفوذا أكبر لاضطهاد الأقباط بمصر، وعلى الرغم من أن المنشور باطل لا يسرى على الدولة، لأنه صادر من موظف عمومى (وكيل وزارة بالداخلية) لا يملك سلطة تشريع؛ إلا أن هذا قد جاء على هوى من يضطهدون الأقباط كما أن هذا المنشور لا يتفق مع دستور مصر فى هذا الوقت الذى يكفل حرية العقيدة الذى ساوى بين جميع المصريين مسلمين ومسيحيين فى الحقوق والواجبات.
لم يستطع أحد بعده أن يصدر قراراً مثله، وأصبح قراره قراراً ملزماً لمصر على تعاقب الأزمان والقرون والحكومات والعهود والأنظمة إلى اليوم، ومنذ أكثر من 70 عاماً وكأن عقارب الساعة توقفت بعدما أصدر منشوره.
يطلق عليه سكان الحى بيت الأشباح...
منزل "أشباح" بجوار وزارة الداخلية
الإثنين، 13 مايو 2013 05:08 م
قصر القربى باشا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة