ﻻ يكاد مدقق فى تاريخ العرب المعاصر إلا أن يرى الثورات العربية طاقة نور جديدة تفتح أبواب اﻷمل لغد أفضل ومستقبل جديد لهذا فإننى أتصور أننا ﻻنزال نعيش فرصة تاريخية لتغيير وجه الحياة فى منطقتنا وأننا–ﻻ قدر الله–لو أضعناها فإننا سنكتب صفحة سوداء فى تاريخنا تظل الأجيال تقرأ عنها وتتعجب لها من هول ما سيكون قد جناه هؤﻻء القوم أو هذا الجيل على أنفسهم بأنفسهم!!
ألم يكن من اﻷولى أن يحافظ أجدادنا على أهم فرصة واتتهم وكان بإمكانها أن تغير من حالهم وتحسن من أحوال أبنائهم وأحفادهم؟! ألم يكن لدى هذا الجيل قدر من العقل والحكمة أو عدد ولو قليل من العقلاء والحكماء حتى ينظروا ويدققوا فى الواقع ويبصروا المخاطر المحيطة ويضعوا تصورا مشتركا لمواجهتها؟! ألم يستشعر أجدادنا العظماء ألم السياط ومذلة القهر الذى لم يغادر بلادهم أم أنهم ألفوه لدرجة أنهم لم يتخيلوا الحياة بدونه؟! أم أنهم ضنوا على أبنائهم وأحفادهم أن يعيشوا حياة أفضل من تلك التعيسة التى عاشوها وماتوا عليها؟!
لهذا يصبح واجب الدعاة والمثقفين والنشطاء والمخططين اﻻستراتيجيين والمفكرين فى هذه المرحلة هو أن يبحثوا عن كل الحلول الممكنة التى تجعل الفرص متاحة لتثمير هذه الثورات وتفعيل أهدافها وإلا فإننا عائدون من حيث أتينا وﻻ بكاء على ما فات فقد أضعنا بأيدينا عمدا وقصدا أهم وأثمن وأغلى فرصة أتتنا على طبق من ذهب.. وفعلنا ذلك دون نظر فى العواقب التى من الغريزى أن ينظر إليها الإنسان ولكن أين نحن من عالم الإنسان لقد سبقت كل الأمم وتحررت من الطغيان وظللنا نحن ننعم باﻻستعباد واﻻستبداد والقهر والفقر ونعتز بأننا أقدر شعوب العالم على الصبر والتحمل!؟
أقول هذا وقلبى يعتصر ألما كلما تخيلت أن الربيع العربى لم يكن سوى فصل من فصول العام وأنه سيغادرنا عما قريب، بل إن فصول العام تأتى كل عام لكن ربيعنا لن يأتى مرة أخرى وما ذلك إلا ﻷننا لم نحسن استقباله ولم نتعامل معه كما يحب بل أهناه وطردناه من بلادنا إلى غير رجعة وكأننا قد فضلنا عليه قيظ اﻻستبداد وهجير القهر ونيران المهانة!!
أقول هذا مقدمة بين يدى تقديرى لما آلت إليه أحوال الثورات العربية التى هزت ضمير العالم وأرسلت أهم الإشارات الإنسانية التى أرسلت خلال قرنين لكل الشرفاء فى العالم بأن القهر واﻻستبداد ﻻ يمكن أن يدوم مهما توفرت له كل وسائل الدعم وخلقت له كل الأجواء المناسبة واللازمة ﻻستمرار حياته ومهما كان الدعم الدولى اللامحدود والحرص على استمراره وأن الإنسان الذى خلقه الله ﻻ يمكن أن يستكين أو يستعبد أو يستذل لإنسان غيره ويظل على هذا الحال على الدوام ﻷن فطرة الله ﻻ تنتكس مهما علاها الصدأ وأن الإنسان لا يمكن أن يتحول إلى إله مهما ادعى ذلك ومهما طال عليه الزمن وهو كذلك بل ﻻبد أن يدحر يوما ويهزم حتى يبقى توحيد الله فى أرضه شامخا وهو باقٍ كذلك ما بقيت الدنيا.
أقول هذا وعينى على الربيع العربى فى مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، وأنا أرى المخططات تحاك بكل مهارة واقتدار لإعادة عقارب الساعة للوراء.. لكن اﻷخطر فى نظرى ليست هى مخططات أعداء الثورات العربية التى يمكن أن نفككها الواحدة تلو اﻷخرى إنما الخطر الحقيقى هو من داخلنا نحن: هل نحن قد أصلحنا ذواتنا حتى نكون عند مستوى التغيير الذى نستحق أم أننا ﻻنزال نستحق الأوضاع الغابرة ومن ثم فنحن ﻻ نستدعى غيرها؟
هل نحن قمنا بالواجبات اللازمة حتى نستطيع الصمود أمام كل التحديات بل هل وفرنا القدرة كى نكون على قدرة لإزالتها جميعا؟ هل تنازلنا – وهذا هو بيت القصيد – عن مصالحنا ورؤانا الذاتية لصالح المصالح العليا المرتبطة باستكمال الثورة ونجاحها.. وهل ضحينا من أجل المصالح العليا للوطن أم ﻻ يزال قدوتنا ذلك اﻷعرابى الذى سئل: لماذا لا تضحى من أجل اﻷمة؟ فأجاب ولم ﻻ تضحى اﻷمة من أجلى؟!!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د سعيد المصري
فتن المتأسلمين و الربيع العربي
عدد الردود 0
بواسطة:
د احمد علاء الدين
ارحمونا بقي كفاية مغالطات وكفايه جهل مكانكم السجون
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
شكرا علي نصائكم الغالية - جزاكم الله خيرا
عدد الردود 0
بواسطة:
شريف المصرى
الشتاء العربى
عدد الردود 0
بواسطة:
ashraf47604760
المتأسلمين حولوا الربيع الى خريف
عدد الردود 0
بواسطة:
osama
الربيع
عدد الردود 0
بواسطة:
ليبرالي
عن ماذا تتحدث
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
تعليق مختصر جداً
ههههههههههه
عدد الردود 0
بواسطة:
مايكل متي
القتلة يتحدثون
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
رجب
فى وجود أمثالك والمدعو هاني الإخواني لن يكون هناك ربيع عربي