د. رضا عبد السلام

والله العظيم إنتوا فهمتونا غلط!!

السبت، 06 أبريل 2013 09:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فشل الإخوان فى إدارة شئون البلاد لا يمكن أن يُفسَر على أنه نجاح لخلايا وبقايا الحزب البائد!! التخبط الذى تحياه مصر - رغم مرارته وقسوته وتبعاته - لا يمكن أن يشكل مسوغاً لعودة الحياة لرموز لفظها المجتمع المصرى!! تردى أحوال الناس لا يمكن أن يجعلنى أترحم على أيام نظام بائد ومقزز.. إن ما نحن فيه الآن يعزى بلا شك إلى ضعف ووهن الإدارة والحكومة الراهنة، وهذا أمر أوضحناه فى مقالات عديدة، ولسنا بحاجة إلى فاسدين لأن يوضحوه لنا.

إن السبب الرئيسى فيما نحن فيه - الذى لا يمكن أن ينكره إلا مغيب أو مضلل – يتمثل فى التركة الثقيلة التى تركها صاحب الأيادى البيضاء، الذى حط من قدر كل ما هو قيم على أرض هذا البلد، فهبط بمصر وشعبها إلى أسفل سافلين.

لقد ترك لنا مبارك بلداً متخلفاً اقتصادياً، ومتواريا سياسياً، ومفككا اجتماعياً، وواهنا أخلاقياً، ترك لنا بلداً اعتلى فيه سفهاء وأراذل القوم قمة الهرم الاقتصادى والاجتماعى، وأُلقِى بقيم وقامات المجتمع فى قاع الهرم، ليعانوا ويلات الفقر والقهر والإذلال. ترك لنا مبارك دولة فقدت دورها الريادى على الأصعدة كافة، ترك لنا مبارك شعباً يغط فى الجهل والفقر وتركبه الأمراض، فأنا على يقين تام بأن أى مقارنة بسيطة بين مصر وبين باقى الدول النامية (باستثناء دول أفريقيا جنوب الصحراء) ستؤكد أن شعب مصر هو أكثر شعوب العالم اعتلالاً ومرضاً، فما من مصرى إلا وتركبه الأمراض الفتاكة، ما بين الالتهاب الكبدى، وما بين الفشل الكلوى وما بين السرطانات بمختلف أشكالها وألوانها! ترك لنا مبارك مؤسسات غارقة فى الفساد وموظفين تنضح قريحتهم بالبيروقراطية والفساد إلا من رحم ربى!!

لقد ترك لنا مبارك الكثير والكثير من أمثلة الفشل والانهيار والتردى، التى تتطلب مؤلفات لحصرها، ولهذا فإن السبب الرئيس فيما نحن فيه – وبمسئولية تامة أمام الله – هو تركة صاحب الأيادى البيضاء ورجاله الشرفاء الأطهار، الذين ما تركوا شيئاً فى مصر إلا ودمروه وحقروه وأوهنوه، ولهذا مع إطلالة شمس الحرية مع ثورة 25 يناير، فهِم الكثيرون تلك الحرية خطأً. أن مَن اكتووا بنار نظام مبارك وشرطة مبارك وأمن دولة مبارك، كل هؤلاء ممن نطلق عليهم "البلطجية" - وهم ليسوا قلة - أفسدوا فرحتنا، وحولوا حلمنا إلى كابوس، ساعدهم على هذا تكالب التجار الجدد، سواءً من تجار الدين أو من تجار الثورة والسياسة، الذين أساءوا إلى ثورتنا وحلمنا، حتى وفروا المسوغ لبقايا نظام الفساد لأن يطلوا علينا برؤوسهم من جديد!!

فبعد أن دخل الفاسدون الجحور على مدى عامين، عادوا وبقوة، بعد أن تردت أحوال البسطاء، الذين عادوا ليتذكروا ويترحموا على ما كان يوفره النظام البائد من الحد الأدنى، وهو الأمن والمواد الأساسية. ففى أحد المجالس سمعت صوتاً من تلك الأصوات المقيتة وتلك الوجوه القميئة، وهو يصف ثورة يناير بأنها "نكبة يناير"، رأيته شامتاً فى المصريين، متحدثاً وكأن عجلة الزمن ستعود به إلى زمنه الجميل، ليعود مرة أخرى ليواصل رحلة نهب مصر وشعبها.

عفواً أيها السادة، لقد فهمتمونا خطأً. نعم.. نحن ننتقد الأوضاع الراهنة، نعم نحن نعانى، ولكننا لا يمكننا أن نترحم على أيامكم الغابرة، فأحداث اليوم لا يمكن أن تنسينا جرائمكم بحق مصر وشعبها. سنجاهد من أجل إصلاح الخلل والخروج من المأزق، لأنه لم يكتب علينا التأرجح بين أيدى الفاسدين والمقامرين، سنجاهد لتطهير الأرض من تركتكم العفنة، سنجاهد لتثقيف الناس وتعليمهم، ونحن على يقين تام فى معية الله، الذى خلصنا من نظامكم وسحناتكم.

مؤكد أن رسالتى ليست موجهة إلى كل من انتمى إلى الحزب الوطنى المنحل، لأننا لا يمكن أن نطعن فى شرف ونزاهة من آمنوا بفكر ذلك الحزب، ولم تتلوث أيديهم، فهؤلاء لهم كل الحق فى الانخراط فى مصر الجديدة لبنائها، ولكن الرسالة موجهة إلى كل من انتفخت كروشهم من حرام، وامتلأت خزائنهم من حرام، وعلت مكانتهم على جماجم الشرفاء من أبناء هذا البلد المنكوب، الرسالة موجهة إلى الشامتين ومرضى القلوب من بقايا النظام البائد، الذين علا صوتهم مجدداً، وانتظروا وقوع الفريسة، بل شاركوا فى إسقاطها.

إلى كل هؤلاء أقول، مكانكم هو مزبلة التاريخ مع سادتكم وشرفائكم، ولن تعود عجلة الزمن بنا وبكم إلى الوراء، لأننا ببساطة عرفنا طريقنا، ولن نسمح لكم أو لغيركم بأن يتحكم فى مصائرنا بعد أن بلغنا سن الرشد، إن لدينا قلوبا تنبض بحب هذا البلد، وعلى استعداد تام للموت فى سبيل تقدمه وتخلصه من كل بقايا الماضى البغيض.. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة