ما رضوش يدولى كشك.. وقفت فى البلكونة..

عم "محمد" فتح "كشك" فى"البلكونة" أجدع من بتاع الحكومة

السبت، 27 أبريل 2013 07:13 م
عم "محمد" فتح "كشك" فى"البلكونة" أجدع من بتاع الحكومة عم محمد فى البلكونة
كتبت إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحسس خطواته منتبهًا إلى ما توغل فى ساقيه من خشونة رسمت لجسده المنهك حدودًا للحركة، بصعوبة بذل الجهد اليومى ليهم واقفًا قبل أن يمر بمحيط غرفته الضيقة منتقلاً إلى مكان "أكل عيشه" الذى لا يبعد كثيرًا عن فراشه المتهالك، متحاشيًا الشرخ الزجاجى الضخم على باب الشرفة دخل متمتمًا بأدعية مبهمة طلبًا للرزق قبل أن يقف وسط الكراتين المزدحمة وعلب الجبن وزجاجات "الحاجة الساقعة" التى كدسها كيفما اتفق فى شرفة الطابق الأرضى التى حولها عم "محمد عيد" بتاع "الحاجة حلوة" فى مساكن "البحر الأحمر" بالمقطم، إلى "كشك فى البلكونة" أجدع من "بتاع الحكومة".

"محمد عيد" هو الرجل السبعينى الذى يقضى يومه فى شرفة منزله المتهالك بمساكن "البحر الأحمر" بحى المقطم فى انتظار بعض "الفكة" من المارة بالكشك الوحيد بالشارع الذى قرر "عم محمد" نقله من على الناصية إلى البلكونة بعد أن أعلنت ساقيه المقوستين عن التعب من اللف بين مكاتب المسئولين بالحى والمحافظة وغيرها من الهيئات التى رفضت إعطاءه التصريح بإنشاء كشك يضمن له لقمة عيش انقطعت بإغلاق ورشة النجارة التى وقف بها يومًا "كصنايعى كسيب" هده الزمن، وتركه بلا عمل يعينه على دفع إيجار شقته الصغيرة، فقرر افتتاح "الكشك" من داخل البلكونة التى يفتح أبوابها على الرزق بصحبة "كباية شاى" فى الخمسينة، وذكريات شبابه الممزوجة بصوت الست المنبعج مع تعرجات الراديو العتيق بجانبه.

"دى شقتى ومحدش ليه عندى حاجة يا بيه، ما رضوش يدونى الكشك فتحته فى البلكونة واهى بوابة رزق فاتحهالى ربنا" بلغة شعبية بسيطة يتحدث "عم محمد" من تحت شاربه الكث ولحيته التى ترك عليها الزمن علامات الشيب الممزوجة بصفار سنواته السبعين، "ما أنا بدفع إيجار الشقة، وما عنديش مصدر رزق تانى بعد ما قفلت الورشة والأمراض ملت جسمى".

أما عن رحلة العذاب بين مكاتب المسئولين فى محاولة للحصول على تصريح "كشك" فيصمت "عم محمد" مبتسمًا بمرارة، استعدادًا للحديث عن مشاوير لا تنتهى بين المكاتب الحكومية والتوسل لمسئولين لم يعد يتذكر أسماءهم بعد أن فقد أمل الحصول على ورقة قد تغير حياته: عشان يدونى كشك لازم أطلعلهم "شهادة فقر" وبعدين أدفع أقل حاجة 6000 جنيه، هجيبهم منين، جبت الكراتين وقعدت بيهم فى البلكونة واللى بيطلعلى منهم بحاول أدفع بيه الإيجار.

من بين ظلام "الشارع" الذى قلما تطأه أقدام السكان ليلاً لملاصقته لجبل المقطم، يبرز وجه "عم محمد" منتظراً نداء أصحاب القامات القصيرة"عم محمد عايز حاجة ساقعة"،"علبة جبنة يا عم محمد"، ينتفض واقفاً بحثاً عن الطلب بين كراتينه قبل أن يكمل" أنا ما عنديش حل تانى، ما حدش بياكل عيش فى البلد دى غير لما يشغل دماغه، أنا عندى بالكونة دور أرضى بدل ما ألم الكراتين وأقف بيها على الرصيف، لو عندك حل تانى قولى؟ ولو عايزين شهادة الفقر جاهزة ومختومة بختم النسر"..





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة