فيما انهمك اثنان من الفنيين فى فحص التوصيلات الكهربية لمغناطيس عملاق، أوضح مارك جوليت الباحث بالمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) أنه يرى أن مهمتهما تكتسب أهمية بالغة فى سبيل الوقوف على الأحداث التى تلت الانفجار العظيم الذى نشأ عنه الكون قبل 13.7 مليار عام.
وقال جوليت وهو يشير إلى مصادم الهدرونات الكبير فى المختبر الأوروبى لفيزياء الجسيمات المترامى الأطراف والواقع فى منطقة الحدود السويسرية الفرنسية المشتركة قرب جنيف وعلى عمق مئة متر تحت الأرض "عندما تنتهى أعمال التركيبات سنكون على أعتاب كشف جديد فى ملكوت الفيزياء الفلكية".
ومصادم الهدرونات الكبير مجمع ضخم من المغنطيسات الحلقية العملاقة والأجهزة الالكترونية المعقدة والحاسبات وتكلف إنشاؤه عشرة مليارات دولار ويصل عمره الافتراضى إلى 20 عاما.
وأنشئ المصادم قبل خمس سنوات فقط ولكن بعد إماطة اللثام عن الحلقة المفقودة التى تفسر ألغازا كونية ظلت تحير العلماء قرونا يدخل المصادم مرحلة تستمر عامين لإعادة تأهيله بغية مضاعفة قدرته على أمل فتح آفاق جديدة فى علوم الفلك.
ويتوقع بعض العلماء أن يتمكن المصادم بعد إعادة تأهيله من التعرف على طبيعة المادة المعتمة التى تشغل الفراغ المحيط بالكواكب والنجوم والمجرات فيما يرى آخرون أنهم قد يعثرون على جسيمات غير معروفة من قبل أو مؤشرات على أن الكون له أكثر من ثلاثة أبعاد.
والمادة المعتمة تعبير أطلق على مادة افتراضية لا يمكن قياسها إلا من خلال تأثيرات الجاذبية الخاصة بها والتى بدونها لا تستقيم حسابيا العديد من نماذج تفسير الانفجار العظيم وحركة المجرات. ويرجح أن المادة المعتمة تشكل حوالى 27%من مادة الكون الكلية فيما تمثل الطاقة المعتمة- التى يعتقد أنها مسئولة عن تمدد الكون واستمرار حركته- حوالى 70% من كتلة الكون.
وبعد النجاحات المبكرة التى حققها خبراء الفيزياء التجريبية فى سيرن يراودهم الأمل الآن فى ارتياد عوالم جديدة مثيرة خلال العقد الحالى. ومن اجل تحقيق هذا الهدف يعكف مئات المهندسين والفنيين فى إعداد المصادم لمواصلة أضخم تجربة علمية فى العالم لأحداث تصادم بين حزمتى جسيمات من البروتونات تسيران فى اتجاهين متقابلين وفى مسار بيضاوى داخل نفق طول محيطه 27 كيلومترا فى مصادم الهدرونات الكبير وبكم طاقة هائل وسرعات تقترب من سرعة الضوء لمحاكاة الظروف التى أعقبت الانفجار العظيم الذى نشأ عنه الكون.
وبحلول عام 2015 يكون المصادم قد ضاعف قدرته ليغزو عوالم الجسيمات المكونة للمادة. وقال سايمون بيرد كبير المهندسين فى سيرن وهو يشرح لرويترز مكونات النفق الواقع عند سفح جبال جورا "إنها مهمة عظيمة. يتعين فحص جميع التوصيلات وتقويتها خلال مرحلة إغلاق المصادم."
وبعد عشرة أيام فقط من تدشين المصادم لأول مرة عام 2008 أدى تسرب لغاز الهيليوم والانفجار الناجم عنه إلى إتلاف بعض محتويات النفق واستغرقت عمليات الإصلاح عامين. وقال بيرد "علينا أن نتيقن عدة مرات من ألا يتكرر ذلك."
وعلى الرغم من هذه الانتكاسة وفى غضون عامين من العمل الدءوب الذى شارك فيه عشرة آلاف متخصص فى شتى أنحاء العالم فى تحليل كم هائل من البيانات الخاصة بالجسيمات الناشئة تمكن المصادم فى الصيف الماضى من رصد جسيم بوزون هيجز.
وركز العلماء فى تجاربهم المستفيضة هذه على التعرف على كيفية نشوء المادة وما يعرف بضديد المادة وما إذا كان هناك وجود لما يعرف نظريا باسم بوزون هيجز وهو جسيم افتراضى قال عالم الفيزياء الاسكتلندى بيتر هيجز قبل ثلاثة عقود من الزمن انه يساعد على التحام المكونات الأولية للمادة ويعطيها تماسكها وكتلتها.
وقالت بولين جانيون عالمة الفيزياء الكندية فى سيرن إن الكشف الخاص بجسيم بوزون هيجز يمثل "اللبنة الأخيرة فى صرح مفهومنا للكون" ولمفهوم النموذج المعيارى (القياسى) الذى وضع قبل ثلاثة عقود من الزمن.
وتقوم نظرية النموذج المعيارى التى طرأت عليها تعديلات فى الستينيات والسبعينيات على الدمج بين ثلاث من القوى الأساسية فى الطبيعة وهى القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية مع الاستعانة بنظرية الكم والنظرية النسبية الخاصة لأينشتاين بغية صياغة نظرية متكاملة لسبر أغوار الكون.
وقالت جانيون "وبعد مضاعفة قدرة مصادم الهدرونات الكبير سنبدأ فى فحص ما نعتقد انه ما وراء هذا النموذج ونحن نتعشم دوما أن يتضح أمر لم يكن يتوقعه أحد"، أما الأمريكى جيمس ويلز الذى يعمل أستاذا للفيزياء النظرية فى سيرن منذ عامين فيرى صورة أكثر إثارة عن جسيم بوزون هيجز قائلا "هذا قد يقودنا إلى التناظر الفائق وهى النظرية التى لم تعضدها بيانات مصادم الهدرونات الكبير حتى الآن".
وتتنبأ نظرية التناظر الفائق بأنه مقابل كل جسيم معروف يوجد جسيم آخر غير مرئى أكبر منه يسمى الشريك الفائق وهو فى صورة مادة خفية.
علماء سيرن على أعتاب كشف جديد فى ملكوت الفيزياء الفلكية
الجمعة، 12 أبريل 2013 02:30 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور احسان محمدعلى شنور القزاز
الاعجاز العلمى فى القران
عدد الردود 0
بواسطة:
منال نور
تجربة سيرن هى اللى هتودى الكوكب فى داهية
عدد الردود 0
بواسطة:
hussein
رائع رائع فى انتظار النتيجة
العلماء هم صناع الحياة