رحلة الرعب اليومية تبدأ مع لحظات الصباح الأولى، أغمضت عينيها بينما يرتعش سور السلم فى قبضتها التى أهلكها الزمن مثلما أهلكه، سلمه تلو الأخرى، وتمر فى ذهنها كم سيدة وطفل أخذتهم درجات هذا السلم التى تتساقط دون سابق إنذار، مثله مثل كل السلالم المتناثرة على أطراف الطريق الدائرى رحلة رعب لكل المارة لا يعرفون كيف ستنتهى، طمأنت نفسها بأن السلم الجديد أفضل بعض الشىء من السابق حتى لامست أقدامها البلاطة التى تنصف السلم، فتحت عيونها أخيرا وهى تلتقط نفس عميق قبل أن تلقى ظهرها، وتسعة أعوام قضتهم هنا إلى كاوتش سيارة لتستقى بعض الراحة وتستعطف قلوب بعض المارة.
عائشة محمد، أو سيدة سلم الموت، سمها كما تشاء، علامات جسدها النحيل حفرت موقعها فوق منتصف سلم الدائرى الذى يصل سكان قرية "البراجيل" بباقى أرض المحروسة، 9 أعوام هى عمرها فوق هذه البقعة الصغيرة من العالم، أما عمرها بالكامل فلم تهتم بحسابه مثلما لم تهتم بحساب أعداد الإصابات التى شهداها هذا السلم منذ أن جلست فوقه، سنوات عمرها يشبهون بعض لم تجد بهم ما يستحق الإحصاء، وأعداد الإصابات فوق سلم الموت على العكس كثرت أعدادها وأهميتها لدرجة صعوبة إحصائها، فقط تتذكر الرجل الذى انهار به السلم وأدى إلى وفاته، والذى ربما يكون سببا فى حصول المنطقة على سلم جديد.
نظرات الألم تبدو من بين تجاعيد وجهها المنهك وهى تنظر نحو السلم الجديد، تراقب أطفال المدارس وهم يخطون فى حظر قبل الشعبطة فى ميكروباص ملئ، وسيدات القرية الفقراء يحملون رزقهم بصعوبة بينما ينظرن إلى أقدامهن التى تتمسك بصعوبة فوق درج السلم الأملس ويحاولن التعلق بسور السلم المتهالك ليعطيهن بعض التوازن، ترمق عيونها إلى الجانب الآخر لتشاهد السيارات تسير بسلاسة فى طريقها الممهد قبل أن تقول "هوده حال بلدنا، الغلابة مكتوب عليهم الشقا حتى لو كان السلم بتاعهم هيتكلف كام جنيه، والأغنية ليهم كل حاجة ولو طريقهم هيتكلف ألوفات".
عائشة تجلس حتى الآن أسفل السلم القديم والذى أنهار نصفه تقريبا، تبتعد بعض الشىء عن رواد السلم الغلابة والذين تستجدى عطفهم لبعض الجنيهات التى تعينها على الحياة يوميا، موقعها كان قديما مميزا فى وسط السلم ولكن لسبب ما لم تستطع قدماها الاتجاه إلى مكان غيره أقرب إلى السلم الجديد تقول "زيه ذى أى سلم بيتعمل بعد مائة مصيبة، يصبر أهل المنطقة لحد ما يقع بيهم، مهوه طالما معمول للغلابة مش مهم أتعمل أزاى، وبعدين مهى ما جتش على السلم أحنا حياتنا كلها غلب، يوم ما حد هيبص للغلابة هيبقى يبص للسلام إللى بيتحركوا عليها".
سلالم الغلابة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبير بيبو
وهكذا تطل علينا بقلم وعبارات مميزة كنسمة هواء في ظهيرة يوم شديدة الحرارة
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
يسرا سلامة
مقال مميز