"الكوشة للعرائس" كانت المجموعة التى لطالما جذبت الأنظار والعدسات للعديد من المظاهرات بتجارب مبتكرة فى الاعتراض، اسم أخرجه فنان العرائس "ناصر حمدى" من وسط أفراح أم الدنيا، لم يكن وقتها يعلم أنه سيلتقى بالثورة على أرصفة ميدان مصطفى محمود، فى 25 يناير 2012 تجمع عدد من الأصدقاء لينشئوا عروسة تمثل المشير حسين طنطاوى كرمز لرفض الحكم العسكرى، تواجدوا فى قلب مسيرة مسجد المهندسين الشهير لينشروا حبال الأفكار التى التقطها "حمدى" وجذبهم بها نحو ورشته فى الفيوم ليبدأوا معا ثورة "عرائس الماريونيت".
دائرة الكبت حاصرت المدينة الباسلة، بالونه الأفراح استبدلت مكانها بالتظاهر فوق رصيف القناة، باعة التجارى هجروا سوقهم الخاوى وخرجوا للنداء بالعدالة مع باقى أهل المدينة، ترتفع أصواتهم لأيام عل أحد يسمع فى هذه الدنيا الواسعة، وجوه عابسة بدأت فى الاقتراب، تقريبا تشكل كل ما خروجا لينادوا بإسقاطه، ارتفاعها الضخم جعلهم يرونها عن بعد، وحين وصلت إليهم ابتسمت العيون وهى تلقتى من سمع النداء، مجموعة شباب قررت فك حصار المدينة، واتجهت بثورة عرائس ضخمه تجذب الأنظار، وعدسات المصورين نحو مظاهرات بورسعيد، ليتصدروا أغلفة الصحف على مدار أيام.
عمر الشامى، صاحب الثلاثة وعشرين عاما، هو واحد من مجموعة الشباب التى بدأت الفكرة على أرصفة ميدان مصطفى محمود، القصة بالنسبة له كانت تعبير ارتجالى عن كل ما يدور، ولكن الالتقاء بناصر حمدي، أخذه مع الأصدقاء نحو المشاركة فى الثورة بطريقة جديدة تصدرت الصحف لشهور دون أن يعرفهم أحد، يحكى أول العروض التى نفذوها ويقول "كان أسمه هنفكه وهنحله، وجهناه صوب المجلس العسكري، وجبنا به ميدان التحرير واعتصام، الألتراس، والفيوم، ودمياط، ومن وقتها لم تتوقف العرائس عن التضامن مع المتظاهرين".
بورسعيد كانت هى التجربة الأبرز مثلما يحكى عمر يقول "الناس مكانتش مصدقة أن فى حد مصدقها، وبيشاركهم حزنهم، لقينا حفاوة ملقينهاش فى أى مكان قبل كده، حسيت أن أدينا ليهم دفعة معنوية كبيرة جدا".
حركات العرائس المتثاقلة فى آخر العروض بمهرجان الفن ميدان بدت وكأن المجسمات العملاقة أفاقت من ثبات عميق رافضة المكوث بين أخشاب المسرح، تتحرك بصعوبة على الأرض التى لم تعتدها لتفضح وجوه متخفية فى أقنعة لم يلحظها معظمنا، تحاول إعطاء دفعة لمتظاهرين فى كل مكان أن مازال هناك من يسمعكم ويأتى ليلبى نداءكم.








