ثورات الشعوب يتبعها فى الأغلب الأعم فوضى وانهيار اقتصادى وتخبط لفترات طويلة، حتى تستعيد الدولة عافيتها شريطة أن يتوفر الإرادة الدافعة للتغيير لتحقيق نقلة نوعية للمجتمع بكل مؤسساته، وتغيير النظم الإدارية العقيمة التى أدت إلى انتكاسته ودفعت الشعب إلى الثورة على الأوضاع المتردية أملاً فى مستقبل يحمل الأفضل للأجيال القادمة.
وسط زخم الحراك السياسى الذى أعقب ثورة يناير، سعى مثيرو الفوضى إلى تحطيم كل ما هو جميل فى المجتمع المصرى وتقويض أسس التماسك المجتمعى وإشاعة الفوضى فى ربوع الوطن، ومحاولة دفع المواطن المصرى إلى اليأس وكره الثورة التى فتحت له باب الحرية للتعبير عن الرأى والمطالبة بحقوقه المسلوبة لسنوات طويلة.
أصبح الشارع المصرى يعانى من أزمة حقيقية فى الأخلاق من جراء إرث ثقيل لمجتمع لا يحترم، غالبية أفراده، القانون، وبدأت تنقرض داخله سمات الشعب المصرى الأصيل، من شهامة أولاد البلد واحترام وتوقير الكبير، ومد يد العون للضعيف، والرحمة بالطفل والمسن.
لم تكن الثورة فقط على الفساد السياسى والظلم المجتمعى، لقد أظهر الشعب خلال 18 يومًا، هم عمر الثورة، حالة فريدة من الانضباط والتعاون والحرص على نظافة الشوارع، وتكاتف المجتمع لحماية مؤسساته من السرقة والتخريب.
نحن نتعلم دائمًا من التاريخ ومن مسيرة الشعوب، فيجب أن ندون كل أحداث ثورة يناير، ونعد لها فيلمًا تسجيلياً على أعلى مستوى من التقنية والحرفية، ليشاهده الشعب المصرى قبل المجتمع الخارجى، ويجعل من أيام الثورة الثمانية عشر، نموذجًا يحتذى، ونبراسًا لمجتمع تتفكك أواصره، وتتدنى فيه الأخلاق إلى أقل درجاتها.
إن بناء أخلاق الشعوب أهم من بناء مؤسساتها، فتغيير الأنماط السلوكية يتطلب جهدا وفيرا ويحتاج سنوات عديدة، فالدولة بمؤسساتها ومنظمات المجتمع المدنى عليهم دور كبير فى تأصيل الأخلاق الحميدة، وإذا كان هذا الشعب يريد أن يرعى مكتسبات ثورته، فعليه الحفاظ على حقوق الآخر والتحلى بالخلق القويم، والبعد عن العنف الذى أصبح هو اللغة السائدة فى الشارع المصرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة