برنامج للأمم المتحدة لحفر آبار فى جنوب السودان

الخميس، 21 مارس 2013 11:51 ص
برنامج للأمم المتحدة لحفر آبار فى جنوب السودان أرشيفية
أديس أبابا/جوبا (د ب أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما إذا سئل أطفال الدول الصناعية عن مصدر الماء، أجابوا بأنه الصنبور لأن الحصول على ماء الشرب أو الاستحمام لا يعنى بالنسبة لهم أكثر من فتح هذا الصنبور.

وكثيرا ما تنسى حقيقة أنه ليس كل البشر يمتلكون هذا الترف، ففى بعض المناطق النائية فى العالم يضطر البالغون والأطفال للمشى ساعات للحصول على الماء من أقرب نهر أو بركة، ثم يمشون متثاقلين تحت وطأة عبوات الماء الثقيلة التى يحملونها إلى منازلهم على مدى يوم كامل، وكثيرا ما يكون هؤلاء حفاة الأقدام رغم أن المسافات التى يقطعونها ربما تخللتها الكثير من الأشواك أو ربما ألهب أرضها حر الظهيرة.

وللتذكير بهذه المفارقات المأسوية الموجودة بين عالمين متناقضين تحتفل الأمم المتحدة منذ عشرين عاما، فى الثانى والعشرين من مارس من كل عام، بـ"اليوم العالمى للمياه" وذلك بهدف التذكير فى هذا اليوم بأهمية الماء والمساهمة فى اتخاذ إجراءات ملموسة من أجل الأقل حظا فى هذا العالم.

وتقدم دولة جنوب السودان مثالا واضحا للمناطق التى تعانى من قلة الماء، فى أحدث دولة فى العالم وفى الوقت نفسه أحد أفقر دوله.

وفى هذا الشأن، كتبت منظمة "مياه من أجل جنوب السودان" على موقعها الإلكترونى: "تصور أنك امرأة تضطر للسير يوميا عدة كيلومترات فى درجة حرارة 50 مئوية للحصول على الماء.. وفى طريق العودة تحمل على رأسك وعاء من الماء يزن 25 كيلوجراما، وأولادك يسيرون طوال اليوم معك أو ينتظرون فى المنزل للحصول على رشفة ماء أو للاستحمام أو لتناول طعام يطهى بهذا الماء الذى تحمله".

ولتسهيل هذه الظروف المعيشية الصعبة يحفر سالفا دوت، مؤسس المنظمة المذكورة، منذ عام 2002 آبارا فى المناطق غير المزروعة فى وطنه جنوب السودان.

وعن ذلك يقول دوت: "قررت أن أركز على الماء لأن الناس هنا كانوا يشربون مياها ملوثة ويمرضون ويصابون بالطفيليات، لقد كان الوضع بالنسبة للماء فى أرجاء جنوب السودان مخيفا".

خطرت هذه الفكرة ببال دوت عندما كان فى زيارة لوالده المصاب بمرض عضال حل به بسبب الماء الملوث لأنه فى كثير من الأحيان لا يشرب الإنسان وحده من عيون الماء بل تشاركه الماشية ذلك، لدرجة أنه ربما امتزج بهذا الماء براز وبول بشرى أو روث حيوانى، وهو بالطبع مرتع للبكتيريا التى تسبب الأمراض.

واستطاع دوت ومساعدوه حتى الآن إيصال الماء إلى 300 ألف إنسان فى المناطق الجديدة.

ويقدم هؤلاء إلى هذه المناطق بشاحنات محملة بمعدات ثقيلة ويبدأون بدراسة الأرض قبل أن يتخذوا قرار بالحفر فى منطقة أو أخرى وذلك بعد الاتفاق مع سكان القرية القريبة.

وكثيرا ما يضطر دوت ورفاقه للحفر على عمق عشرات الأمتار قبل أن يعثروا على ماء نظيف.

ولكن النتيجة تستحق بذلك كل جهد، فلم يساهم الماء النظيف فقط فى تراجع حالات الإصابة بالأمراض بل إن قرى كاملة أصبحت تتطلع إلى مستقبل أفضل فى ظل وجود هذه الآبار وذلك لأن الكثير من المواطنين فى جنوب السودان كانوا يعيشون كبدو، تقريبا، قبل أن يصل دوت ومعه منظمته التى تعتمد بشكل أساسى على تبرعات من الولايات المتحدة.

وكان هؤلاء الرعاة يتنقلون عبر المناطق الجافة باحثين دائما عن فتحة فى الأرض يخرج منها ماء أو عن مجرى نهر لم يجف بعد، وكان من المستحيل بالنسبة لهؤلاء أن يفكروا فى حياة تتوفر فيها فرصة التعلم فى مدارس أو بناء مستشفيات أو ممارسة التجارة فى أسواق دائمة.

أما الآن، فلم يعد الأطفال مضطرين لمساعدة ذويهم فى البحث عن ماء، ولم تعد النساء تقضى الجزء الأكبر من يومها فى حمل قرب الماء الثقيلة وأصبحت القرى قادرة على تطوير نفسها "وهناك الآن وقت لأداء الكثير من الأشياء الأخرى" حسبما أوضحت منظمة "مياه من أجل جنوب السودان" مضيفا: "قريتك تبنى مدرسة، والمدرس يأتى وأطفالك يستطيعون الآن التعلم ولديهم أحلام جديدة للمستقبل".

ولكن سكان الكثير من المناطق الأخرى فى أفريقيا ليسوا محظوظين بهذا الشكل، سواء كانوا فى الصومال أو النيجر أو مالى أو أثيوبيا، والأمثلة على المناطق المجدبة من الماء لا تنتهى.

فحسب بيانات الأمم المتحدة، لا يجد 66% من سكان المناطق الريفية فى أثيوبيا ماء نقيا، بل إن هذه النسبة وصلت إلى 77% فى الصومال، والعطش هو أحد أكثر أنواع العذاب على الإطلاق.

وأصبح الماء النقى غير الممرض عام 2010 أحد الحقوق الأساسية للإنسان حسبما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن الحقيقة تبدو مختلفة فى كثير من المناطق بعد ثلاث سنوات من هذا القرار.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة