الثورة والنبوت..

راحت عليكى يا دنيا.. وراح زمن النبابيت

الإثنين، 18 مارس 2013 01:05 م
راحت عليكى يا دنيا.. وراح زمن النبابيت شخص يبيع النبابيت
كتب حسن مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط فراغات دقيقة بين مئات النبابيت المتناثرة فى جنبات المنزل وصلتهم خيوط شمس رفيعة لتعلن بداية صباح جديد فى "بيت بخيت".. هذا المنزل الذى مازال يعيش فى دنيا الفتوات، معتمدا على توارث صناعة النبابيت بقلب مدينة أسيوط.. ساعة قديمة بجانبهم استقرت عقاربها فوق السادسة صباحا.. استيقظوا على الفور لينفضوا الأتربة من فوق عصيهم التى وقفت شهور تنتظر نظرة زبون حتى أيقنت بانتهاء زمن النبابيت أمام طوفان الأسلحة الذى أغرق الصعيد.. حملوها فوق أكتافهم فى رحلة طويلة انتهت بهم على أرصفة المدينة المزدحمة ليبحثون بين صخبها الدائم على سوق محتمل ينقذ مهنتهم التى حملوا مهمة حفظها.

بجانب نبابيتهم المشغولة بإتقان يقف الشازلى وأحمد.. شابان مازال فى عقدهما الثانى ينتميان إلى بيت بخيت، ملامحهما الصعيدية الأصيلة التى تنظر نحو استناد عصيانهما إلى صور الرصيف فى انتظار زبون تحكى عن انتهاء زمن فتوات النبابيت الجميل.. أمام زمن بلطجية الآلى، والرشاشات، وحتى زجاجات المولوتوف وقنابل الغاز.. يردد الشازلى أن منزلهم لم يعرف مهنة سوى تصنيع النبابيت طوال عشرات السنوات وقبل حتى أن يولدوا ليتوارثوها، قصتهم مع إتقان المهنة تمتد لتصنيع الأخشاب المصرية وحتى لاستيراد أخشاب معينة من الخارج ليخرج النبوت إلى أيدى فتوات، وعمد الصعيد فى أفضل حال.

إلى جواره يلتفت أحمد بجلبابه الصعيدى إلى أنواع النبابيت المستقرة أمامه.. لكل عصاه معنى ومغنى وزبون أعدت خصيصا لتجذبه نحوها.. بلهجة أسيوطية أصيلة يقول.." دية شومة للشباب، وده خرزان المعلمين، وده عكاز للعمد، وده نبوت على الأصل، كل واحد تصنيعه ليه قصة وحدوته وخامات مختلفة أتعلمنها عن آبائنا وأجدادنا من أول ما وعينا على الدنيا لحد ما وصلنا هنا".

ويلتقط الشازلى الحديث منه مرة أخرى ليروى قصة الثورة والنبوت يقول،" إنه مع بداية الثورة أقبل الناس على شراء النبابيت "النبوت كان بطل الموسم وقتها" واستمر الحال وقت قصير حتى حل طوفان الأسلحة بغزو صريح إلى البلاد لينحى النبابيت جانبا بطريقة ساخرة يقول "لما تبقى الناس شايلة أسلحة مضادة للطيارات يبقى مين اللى هيدور على نبوت".

الشازلى وأحمد قصتهما ليست فى القاهرة فقط منذ شهور طويلة وهم يرتحلان بين دروب المحروسة حتى فى القرى والمدن البعيدة عن القاهرة، يحاولان الاتجاه نحو المواسم، والاحتفالات والتجمعات الواسعة، ليبحثا عن زبائن لمهنتهما التى مازالت تصر على الحياة وسط شهامة وجدعنة فتوات النبوت.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عبير بيبو

موضوعاتك المتميزة وكلماتك التي لا يضاهيها وصف جعلت كل عدسات الكاميرات تغااااااار من أسلوبك

التعليق فوق
بجد برافو أستاذ حسن

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة