خبيرة التنمية البشرية رانيا الماريا تكتب.. العولمة وطمس الهوية

الإثنين، 18 مارس 2013 11:14 ص
خبيرة التنمية البشرية رانيا الماريا تكتب.. العولمة وطمس الهوية رانيا الماريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلمة العولمة توحى عند سماعها بمفاهيم عديدة منها الاندماج والإتحاد فى كيان واحد وهو العالم الذى يجمعنا جميعا حتى تنصهر الحدود وتتداخل الدول فى مصالح مشتركة حتى يصبح الهدف واحد وهو الكيان الواحد، ولكن هذا الكيان الواحد من يقوده؟؟؟ أم هو بلا قائد محدد؟؟؟ أم هو قائد مجهول أم متخفى؟؟؟ وهل هذا الاندماج من أجل مصلحة الجميع أم أن المصالح تتضارب وتتمركز لصالح جانب على حساب الآخرين؟؟؟ كل هذه التساؤلات باتت حتمية الإجابة عليها حتى نستطيع أن نتصدى لهذا الطوفان المسمى بالعولمة.

ومن تعريفات العولمة بأنها تلك العملية التى يتم من خلالها تعزيز الترابط بين شعوب العالم فى إطار مجتمع واحد فى سبيل تحقيق الرفاهية للجميع أو هى تلك العملية التى فيها تحويل الظواهر المحلية والإقليمية إلى ظواهر عالمية، وتعرف أيضا إنها تكامل الاقتصاديات القومية وتحويلها إلى اقتصاد عالمى، ويرى البعض أن العولمة ما هى إلا محاولة لأمركة العالم أى نشر الثقافة الأمريكية.

وما سبق من تعريفات لمفهوم العولمة يجعلنا نتساءل أكثر هل العولمة جاءت نتيجة التطور والتقدم التكنولوجى والانفتاح العالمى وثورة التكنولوجيا والمعلومات، حتى أصبحنا بعد أن تحولنا من عالم كبير إلى قرية صغيرة ثم إلى غرفة صغيرة ثم مؤخرا إلى شاشة موبايل لا يتعدى حجم الكف، تستطيع أن تتجول حول العالم منها على صفحات الإنترنت، لتعلم ما يحدث فى العالم من خلال هذه الشاشة، ويستطيع القائد المزعوم إدارة شئون العالم من هذه الشاشة، وهل ما يحدث اليوم من ثورات الربيع العربى هو قرار جماعى من الشعوب العربية للتغيير أم هو تحكم عن بعد من هذا القائد المزعوم؟

ما يحدث الآن فى العالم من محاولة سيطرة القوى العظمى على مقاليد العالم من تحت ستار هذا المفهوم الجديد الذى يلبس أثوابا عدة مثل الثوب الاقتصادى المتمثل فى الشركات متعددة الجنسيات التى تسيطر على أكثر من 60% من التجارة العالمية ففى عام 2001 رصدت 65 شركة متعددة الجنسية تمتلك 850 ألف فرع خارجى، وتوظف 54 مليون فرد منها 53 شركة أوروبية و23 شركة أمريكية. والثوب السياسى المتمثل فى انتشار التيارات الفكرية والسياسية التى تنادى بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ومن ثم إنشاء المنظمات الدولية والتى تسيطر على إدارة العالم مثل الأمم المتحدة، وصياغة القوانين الدولية التى تشرع القوانين العالمية، ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى كل هذه المنظمات ما هى إلا أشكال وأثواب لمفهوم العولمة وهدفه المتوارى هو التحكم فى العالم ولكن من هو الحاكم المتحكم المجهول فى كل هذه المنظمات؟؟؟؟

وتعددت الأثواب ولكن ما ورائها واحد ومؤخرا ظهر الثوب البراق، الثوب الاجتماعى والفكرى بما فيه من دعوات للتجديد والتحديث أو مصطلح خليك مودرن وهيمنته على المعتقدات والتقاليد والعرف ليستبدلها بأخرى مستحدثة ولكن على الطريقة العالمية، فباتت الهوية المحدثة تتنصل من الهوية الحقيقة فأصبحنا نرى من المظاهر الاجتماعية الغريب والحديث على مجتمعاتنا بدئا بالوجبات السريعة والجينز والموسيقى الصاخبة والديسكو نهاية بالفجور والإلحاد والإباحية والتعرى، حتى أصبح شىء يجهر به على صفحات الإنترنت بلا خجل أو خوف أو حتى تردد وأصبح المفهوم السائد للإباحية أو بمعنى أصح المبرر له هو الحرية!

كيف نسيطر على هذه الموجه التى ستبتلع العالم فهى قادمة ولا مفر منها ولكن كيفية مواجهاتها هى النجاة، فالتمسك بالهوية أمام المسوخ التى تصنعها العولمة، والاعتماد على روح المجتمع فى الحفاظ على هويته، والمعول هنا الإنسان الفرد فى الرجوع إلى القيم الدينية والإنسانية العليا، والتمسك بها هى الحل لمواجهة الطوفان. وتبنى سياسة الدول فى التركيز على مصلحة الدولة أولا وفرض القوانين التى تحافظ على مساس مقدراتها وثرواتها والعمل الجاد المخطط على استقلال المؤسسات المالية الوطنية وتوجيه الاستثمارات إلى القطاعات التى من شأنها زيادة الدخل القومى والتنمية، ولا نغفل سلاح العصر وهو التكنولوجيا والبحث العلمى ومحاولة الاعتماد على الذات وليس الاكتفاء الذاتى حتى نصبح قوة لا تخترق ويتعامل معها العالم من منطلق المنفعة المتبادلة وليس من منطلق مص الدماء، وحتى لا تبقى الشعوب أحياء بلا حياه فلنتمسك بالهوية ونستغل إيجابيات العولمة ونتغلب على سلبياتها حتى تصبح العولمة كالموجة التى ترفعنا إلى عنان السماء وليس الموجة التى تغرقنا داخلها وتبتلع الخيرات.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة