حافظ أبو سعدة

هل يفتح قرار النائب العام الباب للعنف والعنف المضاد؟

السبت، 16 مارس 2013 02:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى التسعينيات من القرن الماضى وأثناء انتشار جرائم الإرهاب والعنف المسلح داخل الدولة المصرية والذى أدى إلى سقوط ضحايا من قيادات الشرطة وأفرادها ومن المواطنين المصريين مسلمين وأقباطا ومن السياح الأجانب، خرجت بعض الآراء التى تطالب الحكومة بمنح المواطنين حق الضبطية القضائية من أجل المساهمة فى الحد من العنف الموجود فى البلاد، وهو الأمر الذى أثار حفيظة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى آنذاك ومنها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وطالبوا بالعدول عن هذه الفكرة للحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعى والسياسى للمجتمع المصرى وعدم انتشار الفتنة بين المواطنين.

ولكن أن يخرج النائب العام فى هذا التوقيت بالذات ويعلن منح المواطنين الحق فى ضبط مرتكبى الجرائم الجنائية مادام أنهم شاهدوها، وهم فى حالة تلبس وتسليمهم إلى أقرب رجل شرطى أو أحد مأمورى الضبط القضائى فإن ذلك يثير مخاوف ولبسا ولغطا سياسيا حادا حول الدافع الأساسى إلى خروج هذا الإعلان فى هذا التوقيت، فلا يخفى على أحد أن الجماعات الإسلامية أعلنت أكثر من مرة وفى أكثر من مناسبة عن رغبتها فى النزول إلى الشارع وتشكيل اللجان الشعبية أو بشكل أكثر دقة تشكيل جماعات مسلحة لضبط الخارجين على القانون، فى تحد واضح وصارخ لسيادة القانون وهيبة الدولة المصرية، والقضاء على دور جهاز الشرطة بالكامل وتولى جماعات مسلحة مسؤولية الأمن فى البلاد على غرار القبائل المتصارعة.

وهنا يجب التذكير جيداً أن هذا القرار من الناحية القانونية به العديد من أوجه العوار القانونى والتشريعى، فإذا كان هذا القانون جاء –كما ذكرت النيابة العامة- متسقا مع المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية، يجب التأكيد على أن هذا الأمر هو توسيع غير مبرر للمادة سالفة الذكر والتى نصت على أن «لكل من شاهد الجانى متلبسا بجناية أو جنحة يجوز قانونا أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه»، كما يأتى متعارضا مع المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية والتى وضعت ضوابط بمنع القبض على أى مواطن إلا من قبل مأمور الضبط القضائى، كما أنه يتعارض فى الوقت نفسه مع المادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية والتى حددت من هم مأمورو الضبط القضائى.

وهنا يدفعنى هذا الأمر إلى طرح تساؤل فى غاية الخطورة ما هذا الربط بين إعلان هذه الجماعات تشكيل لجان شعبية، وخروج النيابة العامة بهذا الإعلان فى هذا التوقيت، أليس هذا الأمر مدعاة للدهشة ويثير العديد من علامات الاستفهام حول الرغبة فى السيطرة الفعلية على مفاصل الدولة والتحكم فى الأمن على وجه الخصوص وخاصة أننا مقبلون على انتخابات برلمانية تساهم فى تحديد ملامح الخريطة السياسية للدولة المصرية. وعليه فإن قرار النيابة العامة سالف الذكر ما هو إلا حلقة ضمن مسلسل السيطرة على الدولة المصرية بكافة مؤسساتها وأجهزتها ورغبة فى القضاء على دولة القانون والمؤسسات السيادية، وأن تتولى الميليشيات بمفردها قيادة أمور الدولة، مما يقودنا إلى نفق مظلم للغاية، وخاصة أن القواعد القانونية المستقرة فى العالم لا تعطى أى سلطة للضبط القضائى إلا للموظفين العموميين.
وفى النهاية لم يبق لى سوى التأكيد على أن ما يحدث الآن من طرح هذا القرار هو تأجيج للشارع السياسى الذى يشهد انقساما حاداً للغاية، وأن كل هذه القرارات سوف تؤدى دون شك إلى نوع من التناحر بين القوى السياسية والفكرية داخل المجتمع المصرى، كما سيفتح المجال أمام تصفية الحسابات بين الشعب كله، حيث إنه من الممكن أن يقوم مواطن بإيقاف آخر وتسليمه إلى الشرطة وخلق سبب وهمى للتنكيل به.

والأخطر أن هذا يفتح الباب للاحتراب الأهلى والدخول فى دائرة جهنمية من العنف والعنف المضاد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

Rabie

إنتوا ليه مش عاوزين تفهموا ؟

عدد الردود 0

بواسطة:

صبحي السعيد

ردي بسؤال وهو : ما البديل إذا تقاعست الشرطة كما حدث سابقاً وكما هددت؟

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة