أصدرت المصنفات الأدبية والفنية فى السودان قرارا بمنع صدور رواية "قارعة الذات" للكاتب الشاب عمر الفاروق، وذلك لأسباب دينية وأخلاقية.
وحسبما ورد بالجزيرة نت، أكد الكاتب عمر الفاروق، أنه قدم روايته للمجلس منذ عدة أشهر، إلا أن قرار المجلس بمنع نشر الرواية كان مفاجئا له، لما تضمنه التقرير من إشادة بالنص ووصفه بأنه من الأعمال الأدبية المميزة والمشوقة، لكنه ذهب إلى منع النشر لأسباب دينية وأخلاقية وتربوية.
وأوضح الفاروق أنه قد شرع فى طباعة الرواية بلبنان وأنها ستصدر فى أبريل القادم وأنه يأسف لأن القارئ السودانى لن يتمكن من الإطلاع عليها.
وفى سياق متصل أثار هذا القرار الكثير من الجدل فى أوساط المثقفين السودانيين، وأعاد للأذهان حظر بعض روايات الكاتب بركة ساكن "الجنقو مسامير الأرض" و"مسيح دارفور" و"الخندريس"، ورواية "أماديرا" للكاتبة أميمة عبد الله، ومنع كتب أخرى غير أدبية من الطبع والنشر والتداول.
يرى أستاذ النقد بالجامعات السودانية الناقد مصطفى الصاوى، أن الرواية متماسكة فنيا، وقد تعرضت للمسكوت عنه بشكل فنى، وأنه من المؤسف أن الذين يقيمون مثل هذه الروايات الجيدة لا علاقة لهم بالكتابة الروائية، ويشير إلى أن الاتجاه الفكرى الواحد والانحياز لمشروع معين يمثل قصرا فى النظر ولا بد من أن تتعدد الرؤية فى قراءة المجتمع.
ويذهب الأمين العام للهيئة القومية للثقافة والفنون السابق الكاتب الخاتم عبد الله -وهو أحد الذين قيموا الرواية من قبل المصنفات وأوصوا بعدم نشرها- إلى أن "قارعة الذات" كتبت بلغة ممتازة وصاحبها أديب متمكن، إلا أن بيئة الأحداث "ساقطة" -حسب تعبيره- ولا يمكن نشرها للقارئ السودانى لما تضمنته من مساس بالأخلاق والأعراف، وهذا يتعارض مع القيم.
ويؤكد الخاتم عبد الله أن المنع لم يأت لأسباب سياسية رغم أن هذه الرواية بها الكثير من الإسقاطات، مشيرا إلى أن الطيب صالح تجاوز هذه المسألة فى كتاباته وقد عالج قضايا اجتماعية أخرى.
من جانب آخر يرى الأستاذ الناقد السر السيد، مدير قسم الدراما بالتلفزيون سابقا، أن دور المصنفات يجب أن يقتصر على الإجراءات القانونية فيما يتعلق بالملكية ورقم الإيداع فقط، لا أن ينوب عن ذائقة الجماهير.
ويذهب السر إلى أن موضوع التقييم الفنى والأخلاقى هو مهمة المتلقى، وهو وحده من يملك حق اللجوء للمحكمة إن تضرر من النص.
ويشير الناقد مجذوب عيدروس من جهته إلى أن الإثارة التى تصحب ظاهرة منع الكتب داخل السودان قد تفيد الكتاب الممنوع أكثر من أن تضر صاحبه، فهى تحقق للمؤلف الشهرة ولكتابه الذيوع والانتشار.
ويؤكد عيدروس أن رواية "قارعة الذات" كتبت بلغة رفيعة عالية رغم جرعة الجنس الزائدة فى ثنايا النص، وأن لا جدوى من المنع والمصادرة فى زمن الوسائط الإلكترونية والفضاءات المفتوحة.
ويضيف الناقد الأدبى أن الأمر يحتاج لمرونة، وأن أغلب الأعمال التى منعت من النشر داخل السودان تمت طباعتها وتوزيعها بالخارج، وهذا يفقد القارئ حقه فى الاطلاع على أعمال مبدعيه.