ارتفعت أصوات الابتهالات فوق حناجر المداحين.. الليلة الكبيرة يا عمى والعالم كثيرة.. ماليين الشوادر يابا فى الريف والبنادر، كلمات مترابطة أعلنت عن ذكرى مولد سيد الشهداء، ورسمت الحركة الصاخبة حول ضريح سيدنا الحسين فى شوارع عجوز تعيش خارج نطاق هذا الزمن المزدحم، أصبحت جدرانها تئن من تدافع البشر بداخلها، من قلب المشهد المرتبك، وفى وسط أحد أزقة الحسين ظهرت يد درويش ثلاثيني، ترتفع فى الهواء ومعها ثلاثة ألوان كما ألوان إشارة المرور لتقسم الطريق المتشابك إلى نصفين متساويين.. من أسفلها انطلق صوت صعيدى مجلجل.. صل على النبى يا غافلان وامش على اليمين.. الشارع المزدحم بدأ فى الترتيب القادم على يمينه والذاهب على يمينه ليتحول فى دقيقة الزحام إلى صفين مرتبين يسيرون فى ثلاثة.
بجلباب فضفاض، وعمه مربوطة فوق رأسه بإحكام تلحف أحمد الطيار بملابس "الدروشة" فى قلب شوارع الحسين، سار ليضبط إيقاع الزحام بكلمات مترابطة وعصا صغيرة تشكلت بألوان الأحمر والأخضر والأصفر كما إشارات المرور ولكن على طريقته التى "لا تخالف شرع الله".. هتافاته ملأت المكان وهو يوجه الجميع للسير على اليمين، ويقابله الناس والشباب بابتسامه تعجب وسعادة وهم يشاهدون زحام الشوارع ينضبط فى لحظات ويقول "والله إحنا نفسنا مصر كلها تمشى فى الطريق الصح.. الواحد دلوقتى حاسس أن كل حاجة من حوله بقت ملخبطة ذى الشوارع إللى أنت شايفها".
أحمد الطيار صاحب الـ31 عاما يعتبر إشارة مروره وسيلة للتقرب إلى الله عن طريق تسهيل أحوال العباد وهم يسيرون فى طرق الموالد.. على طريقته الصوفية يقول "نطلب بها الستر والرضا، والعفو والكرم، والهناء والحب، والأدب".
قبل بضعه أيام كان يجلس أحمد فى قريته الهادئة بمدينة الأقصر ليلون أنبوبة لامعة بألوان إشارة المرور، ويزينها بالأحرف الخمس النورانية الأكبر التى زينت أوائل سور القرآن الكريم "ك هـ ى ع ص"، ويحملها معه مستقلا قطارا قطع به طريق طويل حتى وصل إلى أرض القاهرة متزامنا مع مولد سيدنا الحسين ليهدى شوارعه المزدحمة بعضا من النظام.
إشارة مرور أحمد لتنظيم الموالد.. صل على النبى وامش على اليمين
الجمعة، 15 مارس 2013 12:28 م
أحمد ينظم مرور المولد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة