"توك شو" كورنيش قصر النيل.. احجز مقعدك قبل انتهاء المظاهرة

يوم 9 مارس.. الحكم فى مذبحة بورسعيد صدر، والأوضاع تشتعل أمام فندق سميراميس بالتحرير.. طلقة رصاص اخترقت رأس شخص والغازات المسيلة للدموع تملأ المكان بينما يرشق المتظاهرين الأمن بقنابل المولوتوف، إلى الجوار مازال يقف أسد كوبرى قصر النيل بشموخه المعهود وفى الخلفية بدا الأمر غريبا، سور الكوبرى تحول إلى شاشه عرض مجسمة الأبعاد، أكياس الفيشار واللب جاهزة فى الأيدى، وحتى الأيس كريم كان له مكان، الجمهور من كل الطبقات والأعمار، اختاروا الابتعاد عن التحليلات العميقة والكلمات الرنانة على شاشات التليفزيون ونزلوا لمشاهدة الأحداث خارج هذا المربع الأسود الذى يبدوا وكأنه الدنيا بأكملها، كونوا حلقاتهم الخاص للنقاش، وكل مشاهد اختار المجموعة التى سيتابع الحدث معها مثلما ينتقى آخرين القناة التى يشاهدونها من منازلهم.

عربات الباعة الجائلين انتقلت على الفور إلى مقر "التوك شو" لتستغل الموقف كعادتها، الكمامات ظهرت بجانب عربات الترمس، والفشار، والأعلام، الشعار هنا "مش هتقدر تفتح عينيك" 10 دقائق على الأكثر وتغطى الغازات المسيلة للدموع سماء الكوبرى ثم تهدأ الأوضاع مرة أخرى، الأمر بالنسبة للمتابعين أضاف مزيد من الحيوية إلى المشهد الذى يعرض بشكل مباشر دون إعادة أو تعليق، الموسيقى التصويرية من عربات الأمن وأصوات القنابل والمولوتوف كانت بديل أفضل، لحظات وبدأت التحليلات السياسية العميقة تخرج من رجال الشارع الذين كان بعضهم يأتى إلى هنا قبل عامين وليس فى ذهنه سوى متابعة صفاء النيل وسير المراكب فى لفة "أورديحى" مع حبيبته.

إيهاب علوانى 35 عاما، أحد نجوم توك شو قصر الذين لا يعرفهم أحد، وجوده فى هذا العرض الشعبى ليس الأول من نوعه يقول "دايما بحب أنزل أشوف كل حاجه بنفسى بدل ما اسمع عنها فى التليفزيون، نزلت التحرير، ونزلت الاتحادية، وفى الأغلب بكون بتفرج وبحاول أفهم أيه اللى بيحصل" يلتقط منه على شرف، صاحب الثمانية عشر عاما أطراف الحديث ويقول" الناس دية بتهجم على الشرطة وعلى الفندق ليه، ممكن فعلا يكون فى شويه تهاون فى الأحكام لكن الحق ما يجيش بالطريقة دية، كل مظاهرة الناس تنزل عشان الشهداء فيبقى فى شهداء جداد ولو فضلنا على كده الدم عمرة ما هيخلص" إلى الجوار عم محمد رجل أربعينى جذبه المشهد أكثر من الحديث واكتفى بكلمه واحدة"خراب ودمار كل يوم هنقول عليه إيه".

محمد الشريف صاحب الثلاثين عام هو من نجوم نفس العرض ولكن فى دائرة أخرى وكان يرى الأمور بعيون مختلفة "لما تهد القضاء مع بداية حكمك لازم الناس تنزل تاخد حقها بدراعها، وده اللى بيحصل فى كل شوارع مصر دلوقتى، ولازم اللى هدم القضاء وثقة الناس فيه بمجرد ما تولى الحكم، يشوف حل عشان ببساطة.. العدل أساس الملك".