نزلة السمان.. بين إبداع الفراعنة ولعنة الفساد

فى الذكرى الثانية للثورة.. أهل النزلة عايزين مصر تطلع فوق الدنيا

الجمعة، 01 فبراير 2013 07:21 ص
فى الذكرى الثانية للثورة.. أهل النزلة عايزين مصر تطلع فوق الدنيا نزلة السمان
كتب حسن مجدي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الذكرى الثانية لموقعة الجمل.. نجد السياحة عبر بر المحروسة تنهار ولكن هنا الوضع مختلف، فى نزلة لسمان، المنطقة التى كان من الصعب أن تجد بها مكانا لقدم وسط مئات وآلاف السائحين، تجده حاليا يخلو حتى من المصريين، لا يؤنس وحدة المنطقة سوى صهيل الخيول الهزيلة وهى تبحث عن بقايا الطعام وسط القمامة حتى لا تلقى مصير إخوتها بالموت فى الصحراء، أو تهافت "الخرتيه" نحو سيارة تمر بالصدفة فى المنطقة ليقنعوهم بالنزول والحصول على رحلة رخيصة التكلفة فى المنطقة الأثرية، أو حسرة الأهالى وهم يتأملون المستشفى المهدم، والسور الذى حاصرهم وسط المدينة، وأكوام القمامة التى ترتفع كل يوم لتنفر كل من يفكر فى النزول إلى المنطقة المهجورة.

عم سلومة الدونى الذى يوشك الآن على إنهاء عقدة الرابع، ولد فى هذه المنطقة العشوائية، أخبره جدوده حينها أن الأهرامات ونزلة السمان تحوى التاريخ والآثار الأهم فى العالم، أسرارهم مازالت تحير العلماء حتى الآن ولا يبدو أنهم سيجدون لها تفسيرا قريبا، وقتها كان يذهب لينام أسفل سفح الهرم مع أطفال المنطقة بعد سهرات طويلة مع السياح، يرمق من هناك منطقته العشوائية فيصعب عليه تصديق ما يقال، تدور فى ذهنه مئات الشكوك بأنهم فى أهم أماكن العالم وسط كل هذه العشوائية، وبمرور الأعوام أكد له كل من يأتى كلام جدوده وشاهد الانبهار فى أعين كل سياح العالم، ومع الأعوام اكتشف لماذا يجب أن يظلوا هكذا، ولماذا تظل النزلة بين شارع الهرم الراقى وأهرامات الفراعنة العظيمة، منطقة عشوائية لا يجد أهلها مستشفى يدخلونه لو تعرضوا للمرض.

يقول الرجل الذى يتحدث 10 لغات بطلاقة: اكتشفنا أن عظمة المنطقة هنا هى سر لعنتها، المسئولون كانوا دايما حابين يسيبونا كده عشان يقدروا يسرقوا خير المكان من غير ما نتكلم، ينظر بحسرة إلى السور الذى بنى مؤخرا ليحيط الأهرامات، ويخرجهم إلى المدينة ويتابع: السور ده بناه مسئولون عشان يسرقوا خير الأهرامات ذى ما هما عايزين، على قد ما قطع عيش ناس كثير، على قد ما أتسبب فى سرقة آثار الأهرامات زى ما كل ضرر بيجى على أهل النزلة بيكون هدفه هو سرقة المنطقة.

الخيل الذى كان يباع بعشرة آلاف جنيه ثمنه الآن أربعة فقط، وقس على ذلك فى كل الأسعار، ارتفعت أسعار كل شىء من حولهم إلا ثمن مهنتهم انخفض أضعافا، المشاكل بين العائلات زادت بسبب ضيق الحال الذى لم يعتد عليه كل أهل المنطقة التى كانت مقصد العالم منذ وقت قريب، المستشفى الإنجليزى للرفق بالحيوان هى الجهة الوحيدة التى رقت لحالهم وساعدتهم فى توفير بعض الطعام للخيول الجائعة، وبعض الرعاية، ولكن هذا لا يكفى ربع المطلوب مثلما يقولون.

ألتف حول عم سلومة عشرات الشباب، الذين سئموا من قص حكاية موقعة الجمل، أحدهم قال: إحنا منعرفش غير الجبل والسياحة، وقتها أكل عيشنا وقف، وكل واحد عنده حصان ما بقاش عارف يأكله، عضو مجلس الشعب مصطفى الجابرى قال لينا أننا هنعمل احتفال عشان نهدى الدنيا، وأنه هيشيل زاهى حواس اللى كاتم على نفسنا، ولما رحنا ميدان مصطفى محمود حركونا على ميدان التحرير واحتا مكنش حد فينا شايل سلاح أو فى دماغه ضرب والناس لو راجعت الفيديوهات هيلاقوا أن كل واحد كان معاه الكرباج بتاع الحصان.. ويتابعوا "معظم الناس هنا عندها سلاح، ولو كنا نازلين نعمل مشاكل كنا استخدمنا سلاحنا، بس أحنا وأهلنا غلابة ونازلنا نحتفل ونقول عايزين هدوء والسياحة ترجع وناكل عيش وكنا بنرقص بالخيل، بس أضحك علينا ودخل كام واحد مننا الميدان عشان نواجه الموت".

ثلاثة أعوام مرت حتى الآن على إغلاق مستشفى نزلة السمان العمومى، المكان تحول إلى ما يشبه بيوت الرعب، محطم ومنهوب كل ما به، أسلاك الكهرباء منتشرة فى ممراته الرفيعة والمليئة بالقمامة، بجواره يقف عاطف حمدى صاحب الثلاثين عاما قضاهم بالكامل فى النزلة باستثناء ثلاثة أعوام قضاهم فى شرم الشيخ يتحسر على الحال مرددا: دية كانت الخدمة الوحيدة اللى موجودة هنا، أحنا دايما بنتكسف من السياح وهما بيطلبوا يدخلوا حمام، أو لو حد فيهم أتعرض لأى حادث، وناهيك عن أهل النزلة اللى بيدوخو لحد ما يوصلوا مستشفى الهرم.

على بعد أمتار يقف سيد سعيد، شاب عشرينى قرر مخالفه أوامر والده بالتفرغ للخيل والسياحة، والذهاب إلى الجامعة ليدرس الإرشاد السياحى فى جامعة 6 أكتوبر الخاصة بجانب استكمال مهنة الأسرة، ذكرى موقعه الجمل كانت مختلفة له بعض الشىء، ويحكى: أنا وكل أهل النزلة كانت علينا مهمة بتحسين صورة المنطقة بعد المعركة، فضلت النزلة بعدها فاضيه 6 شهور كاملين والخيل بتموت،والمزارع بتفلس، كنا بنتكلم مع زمايلنا ونجيبهم، لحد ما قدرنا نرجع شوية الشغل للمكان.

سيد لا يختلف كثيرا عن كل أهل المنطقة فهم جميعا أصبحوا على دراية بأسباب معاناتهم وإصرار المسئولين على تركهم فى هذه العشوائية ولكنه كان يملك بعض الأفكار يقدمها وهو يعرف أن أيا منها لن ينفذ ولكنه قال إنه سيطرحها ربما تقع على أذن أى شخص يريد تطوير هذا المكان ويسرد: أولا يجب أن تتم إزالة جميع القمامة الموجودة أمام أعظم أثار العالم، مع وضع صناديق للقمامة وفرض عقوبة على أى شخص يلقى خارجها، ثانيا يجب تخصيص حديقة نظيفة لوقوف الخيل وتنظيم تأجيرها والعاملين فيها بكارنيهات لا تخضع للمحسوبية، أو الرشاوى حتى لا يدخل السائح فيجد نفسه فى مكان عشوائى يتهافت عليه كل العاملين فى المهنة مثلما يحدث الآن، ثالثا توفير خدمات عامة للسياح، رابعا تنظيم دورات تثقيفية حقيقية لأهل المنطقة فى السياحة لأن أهل المكان يملكون تراثا وأفكارا عظيمة فى التعامل مع السياح لو أكملوها بالتعليم سيستطيعون جذب آلاف السياح للمكان، خامسا وهى التى ستنفذ كل هذا توفير لجنة من المشهود لهم بالكفاءة واليد النظيفة لتطوير المكان بالاشتراك مع الأهالى الذين سيساعدونهم بكل ما لديهم من جهد.





















مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة