لملمت الحاجة "سعدية عبد الرازق أبو سنة" 77 سنة بقايا أرغفة الخبز، بعد أن قطعت شوطا كبيرا فى توزيعه على مطاعم مصر القديمة، وراحت تستجمع قواها من جديد وبيديها النحيلتين تمسح قطرات العرق المتصبب من كل وجهها لتدفع عجلات "التروسيكل" متجهة إلى منزلها.
تبتلع ريقها بصعوبة وهى تسترجع ذاكرتها ثلاثين عاما إلى الوراء لتتحدث عن أول يوم عمل لها على عربتها التروسيكل المحملة بأكوام من الخبز، وتقول: "رحت أوصل عيش لمطعم فى السيدة زينب، بعدها رجعت البيت تعبانة وقلت مش هكمل فى الشغلانة دى لأن كلها شقا"، وتصمت قليلا لتكمل: "أصل وقتها كنت صغيرة فى السن، بس صحتى كانت أحسن من دلوقتى".
قبل وفاة زوج الحاجة "سعدية" كانت ست بيت مُعتبرة لا تخرج من منزلها إلا للضرورة القصوى فتقول "ظروف الحياة هى اللى خلتنى أطلع اشتغل فى الشارع"، وتضيف أن بيع الخبز للمطاعم هو وسيلتها الوحيدة للعيش "مستورة" وحتى لا تمد يدها لسؤال الناس.
الحاجة سعدية تستيقظ من "النجمة" لتشترى "العيش" من فرن بلدى بجوار منزلها لتبدأ جولتها المكوكية على المطاعم، ولا يهنأ لها بال إلا إذا أنهت يومها فى منتصف الليل بعد الاطمئنان على توصيل كل "الطلبيات" إلى أصحابها فتقول: "مش بعرف أنام غير لما أتأكد إن كله تمام ومية مية".
وبخبرة الزمان تعرف الحاجة "سعدية" أن دوام الحال من المُحال، لذا تحاول أن تؤمن مستقبل أولادها الخمسة، قبل أن يسترد الله أمانته، فهى لا زالت تنفق عليهم حتى بعد إنهاء تعليمهم ووصولهم بر الأمان فتقول: "أعمل إيه بس اتنين من الصبيان متجوزين ولسة مش لاقيين شغل وبنتى الكبيرة مريضة وعلاجها غالى"، وأنا بحب الشغل وهافضل كدة لآخر يوم فى عمرى".
الحاجة سعدية 30 سنة على تروسيـكل العيش بين مطاعم مصر القديمة
الأربعاء، 04 ديسمبر 2013 04:03 م
الحاجة سعدية بائعة الخبز
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن فؤاد ابو احمد
هى والدتى ومصر مليئة بالحاجة سعدية