ما بُنىَ على باطل فهو باطل أم العقد شريعة المتعاقدين؟

فى حوار مع أحد الأصدقاء جرت مناقشة أحد الموضوعات التى تتعلق بالخدمة العامة التطوعية، وتوقفنا عند نقطة حوار فى غاية الأهمية والحساسية والإجابة على السؤال التالى ستوضح وجهات النظر المختلفة فى إبداء الرأى عما يجرى، والسؤال هو: إذا ما تم تعاقد بناءً على إجراءات مخالفة للقوانين واللوائح بما يمثل إهدارا للمال العام، فما الذى ينطبق على نتاج ذلك؟ القاعدة القانونية الراسخة تفيد بأن ما بنى على باطل فهو باطل، وهناك قاعدة قانونية أخرى تؤكد أن العقد شريعة المتعاقدين، فأيهما يتم تطبيقه فى هذه الحالة؟
تـَرجع الجذور الفكرية لمقولة «ما بنى على باطل فهو باطل» من الناحية التاريخية، إلى علم المَنطق، وهى نتيجة من نتائجهِ، إذ يقتضى التفكير المنطقى السليم المُجرد، أن يكون أساس التصرفات الفعلية والقولية صحيحا حتى تُنتج آثارها الشرعية أو القانونية، والأساس هو القاعدة التى تُبنى عليها الأشياء المادية والمعنوية، فإن شاب ذلك الأساس عَيب أو عدم مشروعية، كان باطلا، ومُنعدِما شرعا وقانونا، ولا أثر له ولا يـُفيد حُكماً، ويَقتضى منطق البطلان إعادة الحال إلى ما كانت عليه أصلا إن كان ذلك ممكناً، فإن الباطل هو نقيضُ الحق، قال تعالى «وَلاَ تَلبِسُواْ الحَقَّ بِالبَاطِل» وقال تعالى «لِيُحِقَّ الْحَقَّ ويُبطِلَ اَلْباطِل ولَو كَرِه اَلْمجْرِمُون». ويتحقق البطلان المطلق بالنسبة لكل اتفاق أو تصرف يتعارض مع الدستور أو القانون أو النظام العام والآداب العامة.. ونقطة حوارنا التى فتحت آفاق الحديث كانت عن عقد فى أحد الهيئات الرياضية الكبرى بمصر تم بناءً على:
1 - التعاقد بالأمر المباشر دون اتباع ضوابطه ومحدداته المذكورة فى القانون.
2 - فى وقت الريبة التى يمتنع فيه إبرام أى عقود.
3 - الجهة المتعاقد معها يديرها أحد أعضاء مجلس إدارة هذه الهيئة الكبرى بالمخالفة للقوانين واللوائح التى تحظر التعاقد بالذات أو بالواسطة بين الهيئة وأعضاء مجلس الإدارة أو أقاربهم أو أصهارهم حتى الدرجة الرابعة.
4 - القيمة المتعاقد عليها أكثر من ضعف القيمة التى شملها العرض الأول لهذه الجهة، وأكثر من عشرة أضعاف لقيمة الحد الأقصى للتعاقد بالأمر المباشر المحددة بالقانون.
5 - مدة تنفيذ الأعمال غير منطقية ولا يمكن الالتزام بها.
بعد هذا كله هل يمكن أن نقول: «إن العقد شريعة المتعاقدين» أم «ما بنى على باطل فهو باطل»؟