قبل الاحتفال بعيد العمال بيومين عام 1969، افتتح جمال عبدالناصر، ووزير الصناعة الدكتور عزيز صدقى مصنع الدرفلة الجديد، لينضم إلى مجمع الحديد والصلب، ويؤكد على إنشاء مجمع صناعى متكامل فريد هو الأكبر من نوعه فى منطقة الشرق الأوسط، ويقع على مساحة شاسعة تبلغ 1700 فدان، وبدأت أولى خطوات تشييده عام 1954، وبدا إنتاجه عام 1961 حسب خطة له تستهدف إنتاج الحديد والصلب بطاقة مليون ومائتى ألف طن سنويا مطابقة للمواصفات المحلية والعالمية.
شارك فى بناء مصنع «الدرفلة» نحو 10 آلاف عامل مصرى، وكان تحديا كبيرا يعبر عن الإرادة المصرية، بعد نكسة يونيه عام 1967، وفى خطاب عبدالناصر بحلوان أمام العمال فى عيدهم قال: «أول أمس كنا هنا بينكم قبل يومين بنفتح مصنع الدرفلة الجديد، وهو من العلامات البارزة فى صناعة الحديد والصلب التى هى أساس الصناعة الثقيلة، وبدافع الإنصاف أجد لزاما أن أقول فى نفس الوقت وبدافع المسؤولية إن الشوط أمامنا طويلا، وإن المزيد من جهودنا وتضحياتنا ما زال مطلوبا لأننا نواجه عدوا لن يترك أرضنا إذا لم نستطع أن نخلعه منها».
بعد نحو 33 عاما من هذا الحدث كنت فى حوار طويل مع الدكتور عزيز صدقى «أبوالصناعة» المصرية، وتذكره قائلاً لى بتأثر: «بعد الافتتاح بيوم واحد استدعانى عبدالناصر ليجتمع بى منفردا نصف ساعة، سألنى عن أحوال العمال، والوظائف الجديدة التى سيوفرها مصنع الدرفلة، وفى نهاية اللقاء سلم على قائلا: على قد ما نقدر نبنى مصانع لازم نبنى يا عزيز، إحنا مش عارفين اللى جى بعدنا هيعمل إيه»، تذكر الدكتور عزيز هذه الوصية ودموعه فى عينيه، وهى فى حقيقتها كانت نبؤة لما سوف يأتى.
منذ نحو أسبوعين يتواصل اعتصام 12 ألف عامل فى هذا الصرح، يرفعون لافتة مكتوبا عليها: «نريد قائدا عظيما مثل عبدالناصر الذى بنى الحديد والصلب» وبتأملها سنجد فيها صدى لوصية الزعيم الراحل لعزيز صدقى، كما أنها تعبر عن مأساة مصر مع نظام مبارك، الذى أقالها من حلم التقدم الصناعى، والتنمية التى يعود مردودها على الفقراء، وبدلا من تعظيم كل ما حدث من بناء للمصانع التى وسعت من الطبقة العاملة، جاءت سياسة الخصخصة لتدهس كل ذلك، وبدلا من أن تكون مصر دولة صناعية منتجة، أصبحت دولة مستهلكة أسواقها مفتوحة لكل من هب ودب، تحولت المصانع التى بيعت بعد أن بنيت بعرق المصريين، وصانها عرق العمال، إلى عمارات شاهقة، ليس هذا فحسب بل قام لصوص الخصخصة بتسقيع أراضى هذه المصانع وبيعها بمئات الملايين، وحسب قول قيادات عمالية فى «الحديد والصلب»: «كانت الشركة تضم أحد أهم مصانع الشرق الأوسط كله لصيانة المواتير العملاقة وكانت تخدم الصناعات الوطنية بجانب خدمة دول عربية وإفريقية عديدة، وهو ما اعتبره الأعداء انتشارا للوجود المصرى فى تلك الدول، فكان حرصهم على تراجعها فى فترة الثمانينيات».
القضية إذن لن تنتهى بتلبية مطالب العمال بحقوقهم، ومعهم الحق فيها، وإنما تتخطى ذلك إلى ضرورة الإمساك من جديد بحلم الصناعة الوطنية، والبحث عن حلول جذرية لعودة قلعة «الحديد والصلب» إلى مسارها الذى كان مرسوما لها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن من جمهورية الموز
إستكمال كتاب مذكرات نيلسون مانديلا .. " الطريق الطويل للحرية "
عدد الردود 0
بواسطة:
أبطال ضد الجنرال
النخوة فى بر الإنقلابيين !
عدد الردود 0
بواسطة:
دم الشهيد
المجد لمن قال :- لأ فى وجه دستور ظالم
عدد الردود 0
بواسطة:
مشاكس
هل تأخونت مجلة " تايم " ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
Brave Heart
من ينفق على إعلانات إستفتاء الدستور ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
هههههههههههههه
حمدين صباحى :- «استخرت الله وأعلنت ترشحي للرئاسة»
عبده مشتاق يضع الناصريين فى موقف محرج مع الجنرال .
عدد الردود 0
بواسطة:
!! المصرى الحر !! اسلام المهدى .
""" الزعــــــيــم هـيـفــضـل زعــــيـم ""
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف محمود
اول 6 تعليقات لشخص واحد اخوانى .
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف محمود
اول 6 تعليقات لشخص واحد اخوانى .
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب
7 - من كان يعبد الزعيم فإن الزعيم قد مات !
ومن كان يعبد الله فإن الله حى لأ يموت ..