تجده جالسا فى صمت يراقب حركة المارة، بين لحظة وأخرى يحرك رأسه لتحية القادم يمينا والذاهب يسارا، يعرفه الجميع منذ الطفولة، إنه الأسطى "نصر" أشهر كهربائى فى سوق السيدة عائشة.
الرجل الستينى ذو اللحية البيضاء لا يضع للدنيا هما ولا يلق لها بالا، يبتسم طوال الوقت مادامت "مستورة" والأولاد بخير يقول: "الحمد لله على كل حال الدنيا مش على طول حلوة لازم نشوف حبة حاجات وحشة عشان نحمد ربنا على الكويس".
الأسطى نصر أصيب فى حادث مرورى منذ عشر سنوات ما اضطره إلى الجلوس على كرسى متحرك وأصبح مكانه الشارع، لم يستطع سداد إيجار الدكان الذى ظل يعمل فيه سنوات ليعمل فى تصليح الكشافات الكهربائية المرصوصة أمامه فوق أقفاص: "اللى جاى على أد اللى رايح ولولا فضل ربنا لكنت هشحت أنا ومراتى والعيال، خاصة أن اتنين فيهم اتخرجوا وقعدوا فى البيت من غير شغل".
تصليح الكشاف يستغرق منه ساعتين يوميا بعد صلاة الظهر يعود بعدها إلى منزله لتأخذ زوجته محله من أجل يومية لا تزيد فى الأغلب عن 10 أو 20 جنيها تكفى لوجبات ثلاث لأسرته.. فيقول: "يوميتى مش كبيرة أحسن من مفيش وأكيد أحسن من القعدة فى البيت" .
يؤكد الأسطى نصر أن أكثر فترة شهدت موسما بالنسبة له حين تكررت حالات انقطاع التيار الكهربائى، حيث كان يلهث جميع سكان السيدة عائشة والمقطم إلى تصليح كشافاتهم القديمة بدلا من شراء أخرى جديدة.
