أعد الدكتور بسيونى حمادة أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بجامعة القاهرة ورقة بعنوان "نحو مبادرة وطنية لاستعادة المسار الديمقراطى وبناء الدولة"، مؤكدًا أن المبادرة تهدف إلى البناء على نتيجة الاستفتاء على الدستور الذى يجرى تعديله من قبل لجنة الخمسين.
وأوضح حمادة فى ورقته أن المبادرة المقترحة تنبثق من أرضية وطنية خالصة تعلى من شأن القيم والمصالح الوطنية، وتسعى إلى الخروج من النفق المظلم، وتضع حدًا لمزيد من إراقة الدماء، وتحول دون التدخل الخارجى فى الشأن المصرى، وتعيد للبيت الداخلى الأمن والاستقرار باعتبارهما ضرورتين لازمتين للتقدم الاقتصادى والتماسك المجتمعى.
وأشار أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بجامعة القاهرة، إلى أن المبادرة لا تقوم على تنازلات يقدمها أحد أطراف الصراع السياسى للطرف الآخر، لافتًا إلى أن المسار الديمقراطى لا يتأسس وفقًا لمنطق الصفقات أو التنازلات، ولكنه يقوم على حق الشعب الأصيل فى تقرير مصيره بإرادة حرة نزيهة وفقًا للآليات الديمقراطية المتعارف عليها.
ويقول بسيونى حمادة فى مبادرته: "بغض النظر عن موقفى الشخصى فى توصيف ما حدث فى الثالث من يوليو 2013، تشير تطورات الأحداث المتلاحقة إلى أن الدولة والمجتمع فى خطر شديد، وأن طاقة وموارد الدولة تستنزف، وأن استمرار هذا الوضع لا يمكن إلا أن ينتهى إلى أوضاع كارثية يكتوى بنارها الجميع، فليس هناك فائز أو خاسر، وأنه لا مفر من الاستماع لصوت الحكمة والعقل، فالحروب الدولية على مر التاريخ مهما طال مداها توقفت حينما تخلى الطرفان عن منطق القوة، فما بالنا بأبناء الوطن الواحد".
وتؤكد الورقة البحثية أن الاحتكام إلى الشعب كما تعنيه المبادرة ينصرف إلى البناء على نتيجة الاستفتاء على الدستور الذى يجرى تعديله من قبل لجنة الخمسين بغض النظر عن موقفى الشخصى من تشكيل اللجنة ومدى تمثيلها للمجتمع، وبغض النظر عن رؤيتى للدستور نفسه، فالاستفتاء على هذا الدستور شئنًا أو أبينًا يأخذا منحًا سياسيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا تعنى موافقة الشعب على هذا الدستور سوى موافقة وتصديق على خارطة الطريق، فيما يعنى الرفض العودة إلى دستور 2012.
كما ألمحت المبادرة إلى أن خارطة الطريق طالبت بتعطيل دستور 2012 وتعديله ولم تطالب بوضع دستور جديد، ومن ثم فإن الرفض يسقط دستور 2013 المقترح، ويعيد دستور 2012 إلى الحياة من جديد، مع ما يترتب عليه من عودة الشرعية الدستورية كاملة "الرئيس والدستور ومجلس الشورى|"، لافتة إلى أن الموافقة على الدستور هى فى الواقع موافقة على خارطة الطريق، أما الرفض فهو نكوص عن خارطة الطريق وعودة إلى الشرعية الدستورية.
وأضافت المبادرة أنه لما كان الاستفتاء على هذا النحو يأخذ طابعًا سياسيًا مهمًا ومصيريًا لاستعادة المسار الديمقراطى وبناء الدولة المصرية، ولما كانت الحكومة الحالية طرفًا فى الصراع يتوجب إجراء هذا الاستفتاء فى ظل عدد من الشروط بدونها لا قيمة لهذه المبادرة وهى، تشكيل حكومة وطنية محايدة لا تنتمى لأى من طرفى الصراع تشرف على الاستفتاء وتراقب الأداء وتدير شئون البلاد حتى إعلان النتيجة، وإشراف قضائى كامل على جميع مراحل عملية الاستفتاء مع إعلان النتيجة على مستوى اللجان الفرعية.
كما طالبت المبادرة بإشراف ومراقبة دولية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والاتحاد الأفريقى ومنظمات المجتمع المدنى فى مصر يضمن وجود رقيب داخل كل لجنة فرعية، ووجود ممثلين فى كل لجنة فرعية لطرفى الصراع لضمان إجراء الاستفتاء بحرية ونزاهة وشفافية، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم التدخل للتأثير على المراحل المختلفة للاستفتاء بما فى ذلك منع أى محاولة أو تدخل يحول دون تمكين المواطنين من الإدلاء بأصواتهم.
وأوصت المبادرة بعودة جميع القنوات والصحف المغلقة من جديد وتمتعها بحقها الكامل فى التواصل مع الرأى العام ومخاطبته بحرية بما يحول دون احتكار وسائل الإعلام للدعوة لوجهة نظر معينه بالموافقة أو الرفض ووضع حد لمحاولات تزييف الوعى بحسبانه أخطر أشكال التزوير المستتر للاستفتاء، وتشكيل لجنة علمية من أساتذة الإعلام والقانون وكبار الصحفيين للإشراف على أداء الإعلام الحكومى "الصحفى والإذاعى والتليفزيوني" والإعلام الخاص والحزبى لضمان النزاهة والشفافية والالتزام بالمعايير الدولية لأداء الإعلام أثناء الاستفتاءات.
وأكدت المبادرة ضرورة الإفراج عن المقبوض عليهم ممن لا تتوافر ضدهم اتهامات جنائية جادة مع الاحتفاظ بحق المجتمع فى محاسبة جميع من تورط فى جرائم القتل والتعذيب من أى طرف فى مواجهة أى طرف آخر، ووقف حملات التحريض والدعاية فى وسائل الإعلام المختلفة والتأكيد على حق الجميع فى إعلام يقيم الجسور ويبنى الثقة بين جميع أطراف الصراع ويدعو إلى السلم المجتمعى وينبذ العنف والكراهية، ووقف جميع المظاهرات والاحتجاجات من قبل جميع الأطراف واحترام ما تأتى به نتيجة الاستفتاء والبناء عليها إما بالاستمرار فى خارطة الطريق إذا جاءت نتيجة الموافقة على الدستور أكثر من 50% أو العودة للشرعية إذا جاءت نتيجة رفض الدستور أكثر من 50% بحسب مبادرته.
وأشار الدكتور بسيونى حمادة إلى أن مصدر قوة المبادرة هذه أنها تحتكم إلى الشعب الذى يدعى كل طرف أنه يمثله، ويسعى كل طرف للحديث باسمه، ولسان حالها يخاطب المصريين بدون استثناء.
ودعت المبادرة كل طرف لأن يغلب الصالح العام على الخاص، وأن ينظر إلى مستقبل الوطن بعيدًا عن حجم المكسب الذى يمكن أن يحققه أو حجم الخسارة التى يمكن أن تصيبه، وبغض النظر عن منطق طرفى الصراع فى رفض المبادرة والذى أتفهمه جيدًا، والنظر إلى إجراء الاستفتاء بالشروط المصاحبة له باعتباره المدخل الأهم لاستعادة المسار الديمقراطى وبناء الدولة، فقبول المبادرة بكامل شروطها غير منقوصة ليس إلا مباراة يفوز فيها الجميع وعلى رأسهم الوطن، ورفض المبادرة أو الانتقاص من شروطها ليس إلا مباراة يخسر فيها الجميع وعلى رأسهم الوطن.
عدد الردود 0
بواسطة:
غانم
الاستفتاء على الدستور لبس استفتاءا على مرسى