بعد أربعة أيام من المفاوضات الصعبة، توصلت القوى الكبرى وطهران إلى أول اتفاق تاريخى لاحتواء البرنامج النووى الإيرانى، مساء أمس السبت، فى جنيف يحمل أملأ بالخروج من أزمة مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.
فى المقابل نددت إسرائيل التى تشتبه فى أن البرنامج النووى الإيرانى يخفى شقا عسكريا وهو ما تنفيه طهران على الدوام، مؤكدة حقها فى الدفاع عن النفس.
كما برزت على الفور خلافات بين طهران والولايات المتحدة حول مسألة تخصيب اليورانيوم، حيث أكدت واشنطن أن الاتفاق لا يتضمن إشارة إلى حق إيران فى تخصيب اليورانيوم، فيما تؤكد طهران العكس.
وبعد عدة ساعات من تعرقل المفاوضات بسبب "حق" إيران فى تخصيب اليورانيوم، تم أخيرا الإعلان عن اتفاق.
وتلت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى كاثرين آشتون محاطة بجميع الوزراء الذين شاركوا فى المفاوضات بشأن البرنامج النووى الإيرانى، فى مقر الأمم المتحدة فى جنيف، بيانا مشتركا يعلن التوصل إلى "اتفاق حول خطة عمل".
وقالت آشتون والى جانبها وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف"توصلنا إلى اتفاق على خطة عمل"، وبعدها تصافح وزراء خارجية دول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا وألمانيا) مع "ظريف" للتهنئة بالاتفاق.
وفى إشارة إلى مضمون الاتفاق الذى لم تشأ الخوض فى تفاصيله، اعتبرت آشتون "انه من السوء دوما أخذ مسألة ومحاولة تحديد موقع لها بطريقة ما".
وأضافت لوكالة فرانس برس "سعينا إلى الرد على مخاوف المجتمع الدولى والتحرك بشكل يحترم الحكومة والشعب الإيرانيين".
وكان مراسل وكالة فرانس برسقد أشار، مساء أمس السبت، إلى أن تحضيرات جارية لإعلان هذا الاتفاق رسميا، وعلق وزير الخارجية الإيرانى على تويتر قائلا "لقد توصلنا إلى اتفاق".
وكانت دول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين إلى جانب ألمانيا) تتفاوض منذ الأربعاء مع إيران، من أجل التوصل إلى اتفاق تمهيدى لمدة ستة أشهر يقدم ضمانات حول الطابع السلمى للبرنامج النووى الإيرانى مقابل تخفيف "محدود" للعقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيران، وانضم وزراء خارجية دول مجموعة الست إلى المفاوضات السبت.
فيما كانت المحادثات تعرقلت فى أخر ساعات حول مسالة "حق" إيران فى تخصيب اليورانيوم وأرادت إيران إشارة واضحة إلى حقها فى تخصيب اليورانيوم فى الاتفاق مع القوى الكبرى، حسبما أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجى.
فيما يذكر أن حق تخصيب اليورانيوم ليس مذكورا فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الموقعة من قبل إيران.
وهذه المسألة كانت فى صلب قلق الدول الغربية وإسرائيل التى تخشى أن يستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق 20% للحصول على يورانيوم مخصب بنسبة 90% للاستخدام العسكرى رغم نفى إيران المتكرر لذلك.
واعتبر وزير الخارجية الإيرانى أن الاتفاق الذى تم التوصل إليه فى جنيف "نتيجة مهمة لكنه ليس إلا خطوة أولى".
وأردف "ظريف" فى مؤتمر صحفى "لقد أنشأنا لجنة مشتركة لمراقبة تطبيق اتفاقنا، آمل فى أن يتمكن الطرفان من التقدم بطريقة تسمح بإعادة الثقة".
وذكر "ظريف" أمام الصحفيين أن الاتفاق يتضمن "إشارة واضحة مفادها أن "التخصيب سيستمر فى إيران"، وهى مسألة لطالما اعتبرت حجر العثرة الرئيسى فى المفاوضات.
ولفت الوزير الإيرانى الذى استقبل لدى دخوله إلى قاعة الصحافة بالتصفيق من قبل العديد من الصحافيين الإيرانيين الذين جاءوا إلى جنيف لتغطية هذه المفاوضات، إلى أن طهران تعتبر أن ذلك من حقها.
من جهته، أشاد الرئيس الإيرانى حسن روحانى، بالاتفاق مؤكدا أن من شأن ذلك أن "يفتح آفاقا جديدة"، وكتب روحانى فى رسالة عبر موقع تويتر "تصويت الشعب لصالح الاعتدال والالتزام البناء والجهود الحثيثة لفرق المفاوضين ستفتح أفاقا جديدة".
وفى ردود الفعل، اعتبر الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن الاتفاق يمثل "خطوة أولى مهمة"، مشيرا فى الوقت عينه إلى استمرار وجود "صعوبات هائلة" فى هذا الملف.
ونوه أوباما فى كلمة ألقاها فى البيت الأبيض إلى أن هذا الاتفاق الذى تم التوصل إليه فى جنيف "يقفل الطريق الأوضح" أمام طهران لتصنيع قنبلة نووية، مجددا الدعوة إلى الكونغرس بعدم التصويت على عقوبات جديدة على إيران.
ومن جهته، اعتبر وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أن الاتفاق "سيجعل العالم أكثر أمنا، وإسرائيل وشركاءنا فى المنطقة أكثر أمنا"، وقال كيرى، إن الاتفاق الذى وقع مع إيران فى جنيف يشكل "خطوة أولى".
وشدد على أن النص "لا يقول أن لإيران الحق فى تخصيب (اليورانيوم) مهما جاء فى بعض التعليقات".
من جانب آخر، نددت إسرائيل بما وصفته بإبرام "اتفاق سيئ" بشأن الملف النووى الإيرانى معتبرة أن طهران حصلت على "ما كانت تريده".
وجاء فى بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو بعد ساعات من إبرام الاتفاق "أنه اتفاق سيئ يقدم لإيران ما كانت تريده من رفع جزء من العقوبات والإبقاء على جزء أساسى من برنامجها النووى".
وعبر مكتب رئيس الوزراء عن أسفه لأن "الاتفاق يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم، ويسمح ببقاء أجهزة الطرد المركزى كما يسمح بإنتاج مواد انشطارية لصنع سلاح نووى".
وأكد وزير الاقتصاد نفتالى بينيت من جهته أن إسرائيل غير ملزمة باتفاق جنيف وأن من حقها الدفاع عن نفسها.
واستطرد "بينيت" زعيم حزب البيت اليهودى اليمينى المتطرف القريب من لوبى المستوطنين أن "إسرائيل غير ملزمة باتفاق جنيف"، وأن "إيران تهدد تل أبيب، ومن حق الثانية الدفاع عن نفسها".
من جهته، عبر وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان عن أسفه لإبرام اتفاق حول الملف النووى الإيرانى فى جنيف، معتبرا أنه يشكل "أكبر انتصار دبلوماسى لإيران".
واستكمل ليبرمان للإذاعة العامة الإسرائيلية "هذا الاتفاق هو اكبر انتصار دبلوماسى لإيران التى نالت اعترافا بما يسمى حقها الشرعى بتخصيب اليورانيوم".
بعد جولات من التفاوض..اتفاق "تاريخى" بين إيران والقوى الكبرى حول ملفها النووى..تعليق تخصيب اليورانيوم إلى مستوى نقاء 20%..وأوباما يدعو الكونجرس لوقف العقوبات..وإسرائيل: نتيجة سيئة حققت لطهران ما أرادت
الأحد، 24 نوفمبر 2013 10:24 ص