هو نفسه "عادل" صاحب الخمسة وخمسين عاما، ينادى بكلمات غير واضحة على الراغبين فى استخراج صورة نادرة أو تكبير صورة أو تصغيرها كل حسب رغبته: "ربك كريم يرزقنا من وسع"، هكذا يؤكد "عادل" دوما ويتنهد طويلا ليكمل قائلا: "بلف طول اليوم علشان تُرزق بـ30 جنيه أهو المهم الستر".
"عادل" الصعيدى استقل القطار قبل عشرين عاما قادما من محافظة أسوان ليعمل مصوراتى فوتوغرافيا حر فى القاهرة، لكن العائد لم يكن مجديا أو يرضى طموحاته ليجد فى عربته اليدوية التى اشتراها بـ150 جنيها، وأصابعه اللى تتلف فى حرير أملا فى النجاح.
يدرك "عادل" أن مهنة التصوير الفوتوغرافى فى طريقها إلى الزوال فى ظل ظهور المستحدثات مثل الموبايل وأجهزة الاتصال الحديثة، لذا اختار أن يستبدل صنعته كمصور فوتوغرافيا عادى إلى أستوديو على عربة متنقلة، فيقول: "الزبون بييجى معاه صورته على الموبايل أو الآى باد وبطلع عليها وأكبرها أو أصغرها زى ما يحب".
طريقة استلام صورك من أستوديو "عادل" تختلف عن غيرها، فكل ما عليك أن تتصل على رقم هاتفه الموجود بالفاتورة لتجده يحدد لك موعدا للتسلم: "الزبون بيكلمنى وبحدد له ميعاد بروح فيها لحد عنده وبسلمه صوره".
ولأن أساس أى مهنة هى الثقة المتبادلة، "عادل" لا يتقاضى أى مقابل قبل تسليم الصور المطلوبة للزبائن: "زباينى تعرفنى كويس وأهم حاجة عندى راحة الناس".
يعمل "عادل" فى المساء فقط، فهو لا يحب عمل الصباح يخرج من منزله كل يوم بعد صلاة المغرب عدا الجمعة، ويقطع مسافة طويلة من المهندسين إلى الدقى عبر كوبرى قصر النيل حتى الحسين ثم السيدة عائشة حيث مكان سكنه، ليبدأ دورة جديدة من السير على تروسيكل التصوير حتى مطلع الفجر.


