والدكتور صلاح عرفة هو رائد التنمية البيئية فى مصر وأول من قام باستخدام الطاقة الشمسية وإعادة التدوير فى المناطق الريفية لإنتاج الطاقة الحيوية بهدف تطوير قدرات الشباب وتمكين المرأة الريفية من خلال توفير التدريب وفرص العمل المناسبة التى تتوافق مع طريقة حياتهم، وكيفية الاستفادة من الموارد الطبيعية لخلق مجتمعات صديقة للبيئة فى القرى الريفية والتى تساعد بدورها على تطوير القدرات والكفاءات لسكان هذه المناطق.
وقرر عرفة منذ خمسة وثلاثين عاما فى بدايات السبعينيات وبالتحديد عام 1974، أن يمد نشاطه خارج حدود الجامعة الأمريكية ويعمل فى قرية صغيرة فى أعماق محافظة الشرقية وهى قرية البسايسة، عمل وحده بدون مال أو مؤيدين له، ظل يسافر إلى هذه القرية كل يوم جمعة ويجلس مع الفلاحين لبحث مشكلاتهم والبحث عن حلول لتحسين ظروف معيشتهم بطرق مختلفة، ذهب إليهم بحلم لم يفصح عنه لأحد لكنه بدأ تطبيق إستراتيجية لتحسين وضعهم من خلال الاستفادة من الموارد المحلية وإشراكهم فى بناء وحدات قائمة على تدوير المخلفات الزراعية ووحدات بيوجاز من روث الماشية.
خلق عرفة "منهج متكامل للتنمية" وبدأ معهم دورات تدريبية فى مجالات الزراعة وكيفية استخدام الموارد الطبيعية ومحو الأمية والتعاون المشترك والتفكير الإبداعى وبناء المجتمع، وتحولت البسايسة من قرية فقيرة إلى مجتمع صديق للبيئة من أجل التنمية المستدامة.
وبعد بضع سنوات من العمل بشكل مستقل انضم له طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأصدقاء وزملاء وعندما بدأ من حولهم يدركون ما كان يفعله فى البسايسة، تملكهم الحماس والرغبة فى المشاركة فى توجيه الجهود نحو التنمية المستدامة، وعمل الجميع معه فى المشروع."
وحاول عرفة أن يعمم مشروع القرية الصغيرة بالشرقية إلى أماكن أخرى فاختار قرية أخرى صغيرة فى صحراء رأس سدر بجنوب سيناء، وأطلق على المشروع اسم "البسايسة الجديدة"، وعندما ذهب إلى القرية الجديدة، قدم تقنيات جديدة أخرى مثل إعادة تدوير المخلفات الزراعية لإنتاج الغاز والطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء والحرارة ومعه 28 شابا ليرسى قواعد جديدة لإنشاء مجتمع جديد ايكولوجى- صحراوى وصديقاً للبيئة".
وبعد فترة توقف المشروع لأسباب كثيرة متداخلة على رأسها وفاة ابن الدكتور صلاح قائد المنظومة، وتأثره بالحادثة ليتوارى عن الأنظار لفترة ، تجلى فيها زحف التمدين على قرى مصر، وجشع تجار الأسمدة المسرطنة والسوق السوداء بالتوازى مع الأزمة الاقتصادية العالمية التى جعلت كثيرا من الفلاحين يلجأون لبيع المواشى لديهم، لإتمام زيجات أبنائهم واستكمال حياتهم، ثم مرض جنون البقر والحمى القلاعية لتدمر الثروة الحيوانية وتقلص معها عدد رءوس الماشية فى مصر إلى 8 ملايين رأس.






