محمد بركة

جدى الفلاح ينافس فريد الأطرش!

الأربعاء، 30 أكتوبر 2013 11:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يخيَّل إلىَّ والله أعلم أن المثل الشعبى «أقرع ونُزهى» خرج من تحت يد ترزى الوجدان الشعبى على مقاس جدى بالتمام والكمال، فالرجل - اللهم لا حسد - لم يكن يملك بيتًا ولا أرضًا، وعندما بلغت 4 سنوات كان فلاحًا أجيرًا لديه بقرتان وحمارة وزوجتان تقيمان معًا تحت سقف واحد فى بيت من طين أهداه إياه الشيخ سعد. والحق أن الشيخ معوض - جدى - لم يكن ليبالى بالزعيم الخالد وهو يقول فى دفء وحميمية: ارفع رأسك يا أخى.. أو حين يصرخ فى غضب وعصبية: أنا الذى علمتكم الكرامة!
فبفضل سياسة الإصلاح الزراعى، حصل جدى على قطعة لا بأس بها من الأرض الزراعية تحتاج فقط إلى قليل من الجهد لتهيئتها واستصلاحها، لكن هذا «القليل» كان كثيرًا بالنسبة للرجل الذى فضَّل أن يظل أجيرًا يشتغل بمزاجه، يوم آه وعشرة لأ، على أن يصبح أحد السادة الملاك، ما دامت الأرض لم تنزل مهيأة، أعرف أنه لم يكن يطيق المسؤولية، ولهذا تحديدًا تزوج متأخرًا، وظل طويلًا يقلد فريد الأطرش وعبدالوهاب وغيرهما من النجوم الذين كانوا يؤخرون ارتباطهم الرسمى حتى يظلوا حلم كل جميلة غير مرتبطة، وحتى بعد زواجه ظل جدى نموذج «المعجبانى» الوسيم. والعجيب أننى طوال الوقت كنت أسمع عبارات من نوعية: فلان فين؟
- فى المعدمين.
- أرضك الجديدة اشترتها فين؟
- جنب المعدمين.
ولم أعرف أبدًا أن «المعدمين» هذه بقعة من أفضل الأراضى الزراعية تقدر بآلاف الأفدنة وزعتها ثورة يوليو على من هم دون خط الفقر بمراحل «المعدمين بلغة ذلك العصر»، هؤلاء الذين كان يقدر عددهم بعشرات الآلاف، فأصبحوا فى الألفية الثالثة عشرات الملايين. الفارق أن حكومة ثورة يوليو كانت تسمى الأشياء بمسمياتها فصكت هذا المصطلح الخشن الحاد الصادم «المعدمين»، فى حين رأت حكومة رجال البيزنس التى أطاحت بها ثورة يناير أن تخفف من وقعه، فصكت هذا المصطلح الأنيق المستورد.. «القرى الأشد فقرًا»، لكن ربك والحق اختلف المسمى صحيح، لكن ظل الهدف واحدًا وهو النهوض بأحوال هذه الفئة، حيث عمد الضباط الأحرار إلى توزيع الأراضى بالمجان، بينما عمد السماسرة وأصحاب التوكيلات، قبل وضعهم فى سجون طرة، إلى توزيع التصريحات الوردية.. وأيضًا بالمجان.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة