الحاجة "أم رفعت" أحد سكان المنطقة تقول: "احنا بنام ونصحى على صراخ الأهالى، حتى الآذان مبنسمعوش، لدرجة أنه لو حد بيضرب مراته مثلا مبنعرفش، لأننا بنفتكرها حالات جاية للمشرحة" وتضيف "احنا على طول عايشين فى القلق ده كل ما تحصل حاجة كبيرة فى البلد بنعرف أننا هنعيش أيام صعبة مع رائحة الجثث، وفى حال وجود مجموعة كبيرة من الجثث، بيعملوا الشارع مشرحة وبيغطوها بألواح الثلج، مش عارفين ننام لا ليل ولا نهار من صراخ أهل الموتى وخناقات الأهالى".
فى هدوء بدأت "رنا محمود" صاحبة الخمس سنوات تنظر إلى الشارع مطمئنة لوجود أمها، فهو فى نظرها مكان يمتلأ بالعفاريت تقول الأم: "هى بتخاف تلعب فى الشارع علشان الجثث، واحنا قافلين على ولادنا حتى لا يشاهدوا الجثث التى يمكن أن تأتى إلى المشرحة فى أى وقت".
داخل سوبر ماركت بسيط يقع على بعد أمتار قليلة من المشرحة جلس الحاج محمد إبراهيم صاحب المحل على كرسيه شاهدا على تاريخ المشرحة، يقول الرجل الستينى" أنا من زمان وأنا هنا فى المنطقة عدى عليا ناس كتيرة من أهالى الميتين، بيشتروا منى، هما ربنا يكون فى عونهم بس احنا بردوا تعبانين، احنا بس عاوزينهم يخلوا باب المشرحة من الناحية التانية على الشارع الرئيسى، احنا عايشين فى ريحة وحشة، وليل ونهار صويت وخناقات،، وفى ناس كتيرة من هنا عزلت بسبب الريحة ومرض أولادهم، مشيرا إلى أنهم ينوون التقدم بشكوى لوزير العدل لمساعدتهم فى حل هذه المشكلة التى تؤرق حياتهم".
من جانبه قال الدكتور سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة مناظر الدماء والقتلى التى تدخل إلى مشرحة زينهم والتى يشاهدها من يسكنون بالقرب من المشرحة يجعلهم يشعرون بحالة من الضغط النفسى والعصبى بالإضافة إلى حالة من الخوف الشديد نتيجة رؤيتهم لهذه المناظر.
وحذر "عبدالعظيم"من استخدام المشرحة والجثث الموجودة بها، كوسيلة لتخويف الأطفال، حيث إنه تؤدى إلى إصابتهم بالعديد من الأمراض النفسية مثل الخوف الشديد فيما يعرف بالصدمة والذى يرتبط فى ذاكرتهم بشىء سلبى، فذكرى سماع أصوات بكاء أهالى الميتين، قد تتكرر مع الطفل أو حتى الشخص الكبير والتى تجعله يحلم بأحلام مخيفة كأن يحلم بأنه ينام وسط الجثث أو أنه يتم تشريحه مثلهم، وتؤدى به إلى الشعور بخوف شديد كلما سمع هذا الصوت.





