وأخذ عم "محمود" يقص صوف خروف من القطيع الموجود معه وقال: "الخروف لازم يكون شكله نضيف علشان يشد الزبون" مشيرًا إلى أنه لا يلجأ إلى قص كل صوف الخروف ولكن يلجأ فقط إلى تنظيفه حتى يظهر بشكل جذاب، أما عن الأسعار فيقول عم محمود "الكيلو السنة دى بـ35 جنيهًا، والخروف ممكن يوصل لـ1500 جنيه".
وعلى جانب آخر من المدبح وقف المعلم شعبان الرملى ممسكًا بساطوره ينادى على المارة "اتفضل يا بيه.. لحمة بلدى طازة"، يتحدث عن نفسه لـ"اليوم السابع": "أنا أقدم جزار فى المدبح، لى أكتر من 43 سنة، من وأنا عندى 7 سنين مع أبويا"، ويضيف: "فى جزارين بتدبح جوه المدبح وبتبيع لحمة، وفى جزارين بتدبح الأضحية فى البيوت، أنا كنت زمان بروح أدبح فى البيوت لكن دلوقتى أنا ببيع لحمة هنا".
وإلى جواره وقف ابنه "محمد" الذى شرب المهنة منذ صغره حتى صار وهو فى الـ23 من عمره مثل "أجدعها جزار" كما يقول عنه والده، يقول "محمد": "بستنا العيد الكبير لأنه موسم بالنسبة لنا" ويضيف: "أنا بروح أدبح فى البيوت، العجل بيتكلف 800 جنيه وبالوزن والتكييس بيوصل لـ1000، أما دبح الخروف 100 وبوزنه وتكييسه بيوصل لـ150 جنيه.
ويلتقط المعلم شعبان طرف الحديث من "محمد": "كنا بنشتغل قبل العيد بشهر، لكن السنة دى لا باين فى شغل ولا حاجة، الحاجة بقت غالية والناس تعبانة من اللى حاصل فى البلد، ومش معاها فلوس تشترى لحمة وخصوصًا أنهم لسه طالعين من دخلة المدارس وبادئين دروس من أول يوم، دا غير أن اللى كان بيجيب خروف يدبحه بقى بيجيب لحمة، واللى كان بيبجب 10 كيلو لحمة بقى بيجيب 5".
أسواق قديمة، عانت الكساد طوال العام، ترى باقتراب عيد الأضحى طوق النجاة لها من هذه الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها متمسكة ببعض الأمل والصبر، داخل الحارة الصغيرة المتفرعة من شارع تحت الربع، وقف يباشر الإشراف على العمال الموجودين بورشته فى إصرار على العمل بجد، رغم أن الطلب عليه هذا العام أقل من كل عام، إلا أنه يصر على العمل فالسعى فى العمل مطلوب، لكن الأرزاق على الله هكذا يراها "عم مجدى يونس" أقدم صانع قورم بالدرب الأحمر.
ويقول "عم مجدي": "بنستخدم عدة أنواع من الخشب، منها خشب اللبخ، والسرسوع والسنط اللى بنجيبهم من الصعيد، وفى خشب المانجو، والفيكس والتوت ودول بنجيبهم من بلاد بحرى، لكن قورمة العيد بتتعمل من خشب السنط لأنه بينشف وبتزداد صلابته بالمياه، يعنى كل ما تشرب مايه كل ما تنشف، ودى متطلعشى نشارة مع الجزار وهو بيقطع اللحمة".
عم مجدى الذى ورث المحل عن والده الذى بدأ فى هذا المجال منذ عام 1947 أصبح من ضمن تجار الجملة للمحال الصغيرة، تأخذ القورمة لديه دورة حياة بداية من شراء الأخشاب مقطعة بأطوال تصل إلى متر ونصف، ثم يتم إخراج اللحاء الخارجى، ثم يتم خرط الأرجل وتثبيتها فى القورمة.
أما عن الأسعار فتتراوح بداية من 50 جنيهًا حتى 150 جنيهًا وتختلف حسب نوع القورمة، كما يقول عم "مجدي"، أما عن قورمة العيد فتتراوح أسعارها بداية من 10 جنيهات وتكون صغيرة الحجم: "أنا ببيع جملة وقطاعى، القورمة الصغيرة بتكون بـ10 جنيهات، ولو لتاجر جملة بيشترى بالكيلو، دا غير إنى عملت قورمة صغيرة برجلين علشان متتعبشى الجزار وهو بيقطع، لكن المشكلة أن الطلب قل عن الأول والتاجر اللى بيشترى 100 كيلو، دلوقتى بيشترى 50".
لم يقتصر الأمر فقط على الجزارين أو تجار القورم، فكل هذه المهن تبدأ قبل الأضحية، لكن مرحلة جديدة أخرى تبدأ بعد الأضحية، فكما انتشرت شوادر الأغنام فى مختلف الشوارع انتشرت مثلها أيضًا محال الشوايات والمراجل بكل أنواعها ومقاساتها يقول الحاج محمود عامر أحد أصحاب المحال بالدرب الأحمر لـ"اليوم السابع": "عندى جميع مقاسات الشوايات، وكل أنواعها وفى كمان أسياخ وشوايات يدوى، ومش غالية" فأسعارها فى متناول أيدى الجميع كما يقول "عم محمود" بداية من 25 حتى 200 جنيه أما عن أسياخ الشوايات فتبدأ من 5 جنيهات وتختلف حسب سمكها.
عم "محمود" الذى قضى قرابة الـ50 عامًا فى هذا المكان يرى أن هذا العام هو الأسوأ من حيث البيع والشراء قائلاً: "زمان كنا بنبيع قبل العيد بشهر لكن السنة دى زى ما أنت شايف قاعدين بنهش ومفيش زباين، محدش معاه فلوس يشترى لحمة علشان يشوي".
أما الحاج "أبو سريع محمد" أحد تجار الفحم بباب الشعرية فيرى أن العديد من الناس يخطئون حين يعتقدون أن سر الطعم الجيد للحم يكمن فى طريقة الشواء، بل يكمن فى الفحم الذى يحترق أسفل اللحوم".
يجلس داخل محله الصغير الذى لا تتجاوز مساحته 2 متر فى متر ونصف أحيط بالعديد من الشكائر التى اكتست بسواد الفحم رغم بياض لونها، تتنوع من حوله أصناف الفحم، هو فقط من يعرف كيفية التفريق بينها فهى تظهر للإنسان العادى كأنها نوع واحد، وقد وضع شكارتين أما المحل ليجذب بهما الزبائن.
وقال: "فيه أكتر من نوع، بيختلف حسب الشجرة اللى بيجى منها، فى فحم شجر التوت، وفى فحم شجر الكافور، وفى فحم شجر المانجو" هكذا أوضح الحاج أبو سريع الفرق بين أنواع الفحم مشيرًا إلى أن الفحم عالى الجودة وهو ما يحترق سريعًا والذى تستخدمه المقاهى فى الشيشة، أما الفحم الذى يأخذ وقتًا أطول لكى يحترق فهو المستخدم فى الشوى، والذى تتراوح أسعاره بين 4 و5 جنيهات للكيلو الواحد.
وأشار إلى أن هذا العام يعتقد أن الإقبال سيكون على فحم المقاهى أكثر من فحم الشوايات، أما شكارة فحم الفاكهة المستخدم فى تدخين الشيشة وصلت لـ55 جنيهًا بعد أن كانت بـ50 جنيهًا، تحتوى على 18 كيلوجرامًا تقريبًا أى بحوالى 3 جنيهات للكيلو.








