بهاء حبيب يكتب: هل تستعيد مصر السيادة الوطنية بعد وقف المعونة الأمريكية؟..التخلى عن المعونة لن يضر بالاقتصاد بل سيحرر الإرادة المصرية من السيطرة الأمريكية

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013 02:17 ص
بهاء حبيب يكتب: هل تستعيد مصر السيادة الوطنية بعد وقف المعونة الأمريكية؟..التخلى عن المعونة لن يضر بالاقتصاد بل سيحرر الإرادة المصرية من السيطرة الأمريكية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن أحد يتصور أنه يأتى يوم تتحرر فيه الإرادة المصرية من التبعية لأمريكا بعد أكثر من 40 عامًا بداية من عصر الرئيس الراحل أنور السادات.. مروراً بعصر مبارك طوال ثلاثة عقود.. نهاية بحكم الإخوان القصير الذى لم يتعد عاما، وشهد زيادة للاحتلال الأمريكى المتضخم، الذى ثبت بالدليل القاطع، ب عد أن اتخذت واشنطن قراراً بوقف المساعدات للقاهرة.
وهذا القرار، سيعيد إلى مصر استقلال القرار الوطنى، مثلما حدث فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذى رفض المعونة الأمريكية السامة، كما سيعيد هذا القرار مصر أيضًا إلى قلب الأمة العربية.
والتخلى عن المعونة الأمريكية بشقيها الاقتصادى والعسكرى لن يضر باقتصاد أو جيش مصر -كما هو معلوم للجميع- بل على العكس من ذلك سيحرر الإرادة المصرية من السيطرة الأمريكية، ويجعلها قادرة على اتباع سياسة اقتصادية تحقق الاكتفاء الذاتى من القمح، وسياسة عسكرية تمكنها من تنويع مصادر سلاحها.
وكانت المعونة الأمريكية قد بدأت فى الانتظام مع سريان اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل عام 1979 برعاية أمريكية، حيث قدم الرئيس الأمريكى آنذاك «جيمى كارتر» معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.
وبهذه المعونة الأمريكية الضامنة لاتفاقية كامب ديفيد، انتهت إلى انتزاع سيادة قرار السياسة والاقتصاد فى القاهرة، حيث تحولت البلاد فى ظل هذه الاتفاقية إلى اقتصاد السوق الحر، وقام السادات بعصر الانفتاح الاقتصادى -الذى أطلق عليه الكاتب أحمد بهاء الدين «انفتاح السداح مداح»، حيث حول مصر من بلد إنتاجى وصناعى إلى بلد استهلاكى، يعتمد على الطابع الريعى، مما أدى إلى غرق البلاد فى ديون خارجية وداخلية تتعدى الآن تريليون جنيه، وقسم المواطنين فى مصر إلى طبقة غنية بدرجة لافتة للنظر، وشعب فقير لا يجد البعض منهم الآن قوت يومه.
وإذا نظرنا إلى بنود صرف المعونة، نجد أن %10 فقط من هذه المعونة تستلمه مصر فى صورة نقدية، %28 لتمويل الواردات السلعية، %42 لتمويل مشاريع فى قطاعات مختلفة، %20 لتمويل توريد سلع زراعية وفق قانون فائض الحاصلات الزراعية الأمريكى.
ورغم تحديد الجانب الأمريكى لبنود صرف المعونة، فإنه لم يكتف بذلك، ووضع شروطًا لتقييد الصرف من تلك البنود تتضمن برنامج الواردات السلعية يجبر الحكومة المصرية على شراء المنتجات الأمريكية، حتى وإن كانت أسعارها مرتفعة عن الأسعار العالمية، وكذلك يشترط نقلها على سفن أمريكية.
ولم تكن المعونة الأمريكية، فقط فى الإجبار على شراء المنتجات الأمريكية، بل إن برنامج تمويل توريد السلع الزراعية يحظر استخدام المعونة فى كل ما من شأنه جعل مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح.
كما اشترطت برامج تمويل المشاريع الاستعانة بالخبراء الأمريكيين فى شتى مجالات العمل، ووصل عددهم إلى 21 ألف خبير يحصلون على %35 من القيمة السنوية للمعونة.
علاوة على ذلك تشترط برامج التدريب والابتعاث إرسال كبار المسؤولين ورجال الدولة من المبتعثين المصريين لتلقى دورات تدريبية فى الولايات المتحدة، ويتم خلال هذه البرامج ربط المتدربين بواشنطن، بحيث يتحول هؤلاء المتدربون عند عودتهم إلى منفذين للنموذج الأمريكى.
لم يقتصر الأمر على تحديد بنود وشروط الصرف، وإنما تجاوز ذلك الإشراف على التنفيذ من قبل هيئة المعونة الأمريكية حتى لا تذهب المعونة إلى قطاعات لا ترغب الولايات المتحدة فى دعمها، حتى وإن كانت استراتيجية بالنسبة للجانب المصرى، لذلك حدث فى مصر عملية تجريف واسعة للقلاع الصناعية، والصناعات الاستراتيجية الثقيلة، حتى لا يكون القرار الاقتصادى نابعا من مصر، بل تابعا للولايات المتحدة الأمريكية.
ولم ينته أمر المعونة الأمريكية عند هذا الحد، بل وصلت إلى العمق الاستراتيجى فى سيناء، حيث ارتبطت هذه المعونة بمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، التى أدت إلى نزع سيادة السلاح المصرى عن غالبية سيناء، وبعمق يصل إلى 150 كيلو متراً.
لذلك لا ضمانة لاستمرار الثورة، وتحقيق الديمقراطية فى مصر، إلا بعد إنهاء التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، وأن تكون القرارات الصادرة قرارات وطنية مستقلة، ويكفى أن سبب انحراف ثورة 25 يناير عن المسار الصحيح هو التبعية لواشنطن، حيث فتح الإخوان اتصالا مع المندوبة السامية الأمريكية السابقة آن باترسون التى كانت تزور مكتب الإرشاد أسبوعيًا وتنسق معهم لكى تطل، ومع وزير الخارجية الأمريكية وإدارتها، حتى وصلوا إلى الحكم، بعد أن تعمدت قيادات الإخوان بالشروط التى أملتها واشنطن عليها وهو الولاء لأمريكا، وعدم المساس بإسرائيل ورعاية المصالح الأمريكية فى المنطقة، وتنفيذ أجندتها كاملة. لذلك يجب أن تتخذ مصر قراراً فوريًا بالاستغناء عن المعونة الأمريكية نهائيًا لضمان الاستقلال الوطنى وعدم الخضوع مرة أخرى للإدارة الأمريكية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة