قال الدكتور أحمد زويل، العالم المصرى الحائز على جائزة نوبل فى الكيمياء، بالرغم من أنه غادر مصر عام 1969 للدراسة فى جامعة بنسلفانيا، لكن التزامه نحو بلده لم يتراجع قط، فى مقاله على موقع صحيفة "نيويورك تايمز"، الأحد، إن الاضطرابات السياسية التى شهدتها مصر، بعد انتفاضتين أطاحتا باثنين من الأنظمة السياسية فى غضون عامين، وتركت البلاد فى حالة من الغموض السياسى العميق.
وأشار إلى أن ما ضاع فى وسط تلك المكائد القاتلة بين كل من الليبراليين العلمانيين والإسلاميين السياسيين، هو تطلعات الشباب المصرى التى قادت الثورة من بدايتها.
وتتابع أن النشطاء الشباب الذين ملئوا ميدان التحرير عام 2011 وطالبوا بالحرية والعدالة الاجتماعية، كان هدفهم النهائى التغيير الاجتماعى والاقتصادى والفرص التعليمية التى تؤهلهم إلى فرص عمل مناسبة وحياة كريمة.
ويؤكد زويل بصفته أول مصرى وعربى يحصل على جائزة نوبل فى العلوم، والمبعوث الخاص السابق الذى أرسله الرئيس الأمريكى باراك أوباما، لتعزيز العلوم فى الشرق الأوسط، أن هذا هو ما يشغله قبل كل شىء.
ويقول إن الغربيين غالبًا ما ينسون تاريخ مصر الطويل من الإنجازات التعليمية. فجامعة الأزهر، التى تمثل مركز التعليم الإسلامى، تسبق إكسفورد وكامبريدج بقرون. وقد كانت جامعة القاهرة، التى تأسست عام 1908، مركزًا للتنوير فى العالم العربى. فالمثقفون قادوا أول انتخابات ديمقراطية فى مصر فى العشرينيات وحتى الخمسينيات، فى ظل النظام الملكى الذى أعقب الحكم البريطانى. وهذه الفترة من التحديث شملت إنشاء المعاهد العلمية وظهور الصناعات الحديثة مثل الأعمال المصرفية ووسائل الإعلام والمنسوجات والصور المتحركة.
ويضيف العالم المصرى "لقد نشأت فى عهد عبد الناصر، الذى شارك فى ثورة 1952 التى أطاحت بالنظام الملكى وقاد البلاد حتى وفاته فى 1970. وقد كانت الدولة تعانى نقصًا فى الديمقراطية، ولكن ليس فى التفاؤل. وكانت العلوم والهندسة والتكنولوجيا بين التخصصات ذات الترتيب الأعلى فى الجامعات المصرية، التى جذبت أفضل الطلاب والعلماء فى العالم العربى".
وواصل زويل رصد إنجازات مصر التعليمية والعملية كمشاريع البنية التحتية الضخمة مثل بناء السد العالى فى أسوان والمفاعل النووى فى أنشاص والمهندسين المهرة الذين قدمتهم مصر لغيرها من البلدان. مشيرًا إلى أنه كان مدرسًا فى جامعة الإسكندرية، واستطاع إجراء مجموعة من البحوث التى نشرت فى مجلات دولية، وعلى الرغم من سفره للحصول على الدكتوراه من الولايات المتحدة، فلم يكن ذلك بحثًا عن حياة جيدة.
ويمضى زويل أنه خلال السنوات الـ30 الماضية، حيث حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، تدهورت البلاد وتحول التركيز بعيدًا عن المدارس والبنية التحتية إلى وسائل الإعلام والأمن والمنتجعات الضخمة.
ويقول زويل، إن من الأمور البعيدة عن الفخر أن العلوم والتكنولوجيا فى مصر والعالم العربى كله، قدموا مساهمات ضئيلة. فذلك الجزء من العالم الذى قاد العلوم والرياضيات خلال العصور المظلمة فى أوروبا، يعيش الآن عصرًا مظلمًا من الأمية ونقص المعرفة. فباستثناء إسرائيل، فإن المنتج العلمى فى المنطقة متواضع فى أحسن الأحوال.
وبينما أحرزت تركيا وإيران خطوات جادة فى مجال التكنولوجيا، فإن مصر تحت حكم مبارك اعتمدت على عائدات قناة السويس والسياحة والنفط والغاز مع مساهمات ضئيلة من الصناعات ذات التكنولوجيا العالية.
وتحدث عالم الكيمياء عن "جامعة زويل" التى خصصتها حكومة الدكتور عصام شرف للبحث العلمى، مشيرًا إلى أنه بفضل الدعم الجماهيرى استطاعت الجامعة جمع الأموال لإنشائها على مساحة تتجاوز الـ100 فدان فى القاهرة.
ويشير إلى أن الحكومة الجديدة المؤقتة تواصل دعم الجامعة، وقد أكد الدكتور عصام حجى، عالم الفضاء بوكالة ناسا ومستشار الرئيس المؤقت عدلى منصور، أن التعليم والعلوم يجب أن يكونا أولوية وطنية.
وفيما يشير زويل إلى تسجيل 6 آلاف للحصول على أماكن فى الجامعة التى يتضمن مجلس أمنائها ستة من الحائزين على جائزة نوبل، فإنه يؤكد ضرورة إنهاء العنف لتحقق هذه الجامعة النجاح. كما أن ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، الذين يمثلون ما يقرب من ثلث سكان مصر، يمثل ضمانة لعدم الاستقرار.
وانتقد زويل نهج المساعدات الأمريكية للقاهرة، قائلا إن مصر تمثل أهمية استراتيجية بسبب قناة السويس ومعاهدة السلام مع إسرائيل وتعاونها مع الجيش الأمريكى ووكالات الاستخبارات، لكن معظم النقاش حول المساعدات يتركز حول النفوذ السياسى.
ويؤكد أنه يتعين على أمريكا أن تفكر فى ضخ مساعدات فى سبل سياسية جديدة. إذ أن واشنطن تمنح مصر 1.5 مليار دولار سنويًا ولإسرائيل 3 مليارات دولار، لكن فيما يتعلق بالأولى فإنه المساعدات تذهب كليًا لشراء المعدات العسكرية، فى حين أن الأخيرة تنفق على شراكة تتضمن التعاون العلمى والصناعى.
ودعا زويل قادة مصر من مختلف المعتقدات الدينية والسياسية، لإبعاد التعليم والعلوم من النزاعات الخاصة بهم.
كما دعا الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة لدعم تنمية الرأس المال البشرى. فالمساعدات التى منحتها أمريكا لليابان وكوريا الجنوبية وتايوان فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، مكنهم من أن يصبحوا ذات حيوية اقتصادية.
وخلص بالقول "لازلت متفائلا حول مصر، التى لن يرضى شعبها على الوضع الراهن منذ منتصف القرن الماضى". فالسؤال الذى لا أستطيع الإجابة عليه كعالم، هو ماذا سوف يحل وكم من الوقت سيستغرق. فصبر المصريين بدأ على النفاد، بينما تطلعاتهم لم تتحقق".
وختم مشددًا على أن على أى جماعة تأمل فى تمثيل آمال الشعب المصرى، يجب أن تضع التحصيل العلمى والنمو الاقتصادى كأولوية.
زويل ينتقد نهج المساعدات الأمريكية لمصر.. ويدعو لتوجيه جزء منها للتعاون العلمى والصناعى مثل إسرائيل.. العالم المصرى يطالب القيادات فى مصر بإبعاد التعليم والعلوم عن النزاعات الخاصة
الأحد، 13 أكتوبر 2013 08:26 م
د. أحمد زويل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد القط
سلمت يداك يا د \ زويل
الحق ما قلت ونطقت به
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد القط
انت قيمة وقامة يا د \ زويل
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد القط
انت قيمة وقامة يا د \ زويل