مشهد لمجموعة كبيرة من البلالين شاهقة الارتفاع استقرت على ضفة قناة السويس معلنة عن انضمام الشعب البورسعيدى، إلى ثورة 30 يونيه وتأييدها "للسيسى"، إعلان آخر لتبرئة المدينة الباسلة من التهم الموجهة إليها على بالونة مبتسمة تفتح ذراعيها استقبالاً للزوار، هو المشهد الذى التقطته الكاميرات مؤخراً على ضفاف القناة التى عكست خصوصية المدينة الهادئة.
"البالون شو" الذى ارتبطت حكايته بذكريات تاريخية تجاوزت الاحتفالات هو أول ما يجذب انتباهك بمجرد تجولك فى شوارع "بورسعيد" الهادئة دائماً، على جوانب شوارعها تصطف البالونات التى لا تنقطع عن التعبير بلغة بورسعيدى أصيلة، بعضها من يحمل التهانى للعروسين بأسماء أصحابها، وبعضها الآخر من يحمل ثورة بورسعيدى من نوع خاص بشعار أو لافتة اختار صاحبها كتاباتها بخط واضح على بالونة ضخمة، معبراً عن رأيه على طريقة شعب "الأليمبى"، الذى عشق صناعة العرائس وحرقها فى شم النسيم كعلامة أخرى لم تخرج عن حدود المدينة المتواضعة.
ساعة واحدة هى كل ما تحتاجه للتجول بين تفاصيلها التى تحمل رائحة البحر من مكان أو آخر، شوارع هادئة تؤدى جميعها إلى طرق واحدة، أسواق لا تنتهى ولغة محببة تعرفها بمجرد سؤال أحد المارة عن عنوان أو شارع لا يبعد كثيراً عن مكان وقوفك، وبالون ضخم تصطدم به على جانبى الشوارع المتقاطعة التى تحكى بداية قصة البالون شو، الذى استكمل حكاية "الأليمبى" بحكاية أخرى ظهرت للمرة الأولى فى الحادثة الأشهر لزيارة المخلوع، التى استقبلتها بورسعيد ببالونة ضخمة انتهت بكارثة وضعت محافظة بورسعيد على قائمة المحافظات الأكثر خطراً، ووضعت أهلها فى عزلة اختارتها لهم الدولة، حتى قرروا البقاء بداخلها ما تبقى من العمر.
"سيد الحديدى"، الذى استقر اسمه على أحد البالونات بشارع "طرح البحر"، مشيراً إلى أنه أقدم أصحاب البالون شو فى بورسعيد، يتذكر بداية القصة التى أضافت إلى مهنته كصاحب محل فراشة "بيزنس" البالون شو الخاص بأهالى بورسعيد، قائلا: البداية كانت من حوالى 15 سنة، الفكرة بدأت بالترحيب بالزوار بدل اليفط العادية، ومن هنا بدأت تبقى أهم من الفراشة فى كل مناسبات الأفراح والتهانى، الخطوبة والنجاح والافتتاحات، وحتى الثورة كتبناها على البلالين".
وبلغة بورسعيدية محببة لا تكف عن فتح الحروف ولضمها لتخرج بلكنة "أبو العربى" الخاصة، يتحدث "سيد" عن تاريخ البلالين قائلاً: بورسعيد طول عمرها بلد التقاليع، ماحدش غير البورسعيدية يعرف "الأليمبى" اللى كنا بنحرقه كل سنة فى شم النسيم، ولا حد غير البورسعيدية بينقط العريس والعروسة بالبلالين اللى بدأت بفكرة واتحولت لبيزنس بعد كام سنة ما بقاش فى فرح ما فيهوش بلالين شايلة التهانى باسم العروسة والعريس، أو نجاح أو مفاجأة حد عايز يعملها لخطيبته ببالون شو تحت بيتها".
غيرها من المواقف التى يحكيها "سيد" عن البالون شو البورسعيدى، قائلاً: البالون شو بعد فترة اتحول لنقطة البورسعيدية لبعضهم فى المناسبات، بدل ما يجيبوا ورد يعملوا بالونة ويكتبوا عليها التهنئة، والبورسعيدية شعب المجاملة والمظاهر، حتى فى الثورة كانت الناس بدل ما تكتب يفط تحط بالونة عليها الشعار، وحتى فى 30 يونيه اجتمعنا واتبرعنا ببالون شو على ضفة القنال عشان نقول رأى بورسعيد فى الثورة".
مشهد البلالين المستقرة بطول شارع "طرح البحر" على جوانب قاعات الأفراح أو المحلات الجديدة ليس المشهد الأخير الذى يعبر عن خصوصية محافظة مصرية لها عاداتها الخاصة، بجانب أكلاتها المميزة وطبيعة أهلها وما تعرفه من مظاهر أخرى للاحتفال، سيظل "البالون شو" علامة على تاريخها الذى لن يكف عن الابتكار ببصمة ساحلية دائماً ما تخرج عن السياق.
"بلالين" بورسعيد من الأفراح للثورة .. بصمة خاصة لمحافظة التقاليع
السبت، 12 أكتوبر 2013 01:14 ص