وجودها هنا أو هناك فى ميدان التحرير، الأمر لا يختلف كثيرا فى المعاناة، فقد أصبحت مثل الصداع المزمن فى رأس المواطن، وبمثابة أسوار عكة، التى تحمى قلعة السلطان وحاشيته، رغم هدوء الأحداث والتظاهرات وإعادة دهان أسوار القصر مرة أخرى وعودة ديوان المظالم للعمل.
تدفع تلك الحوائط الأسمنتية، سائقى السيارات إلى الانتظار أوقات طويلة، للمرور من أماكن الكتل، التى قامت بإزالتها قوات الحرس الجمهورى، خاصة إذا كان فى الاتجاه المعاكس أتوبيس نقل عام، وبالتالى تعطيل مصالح المواطنين، أو يضطر السائق للاندفاع والتسابق على المرور، فإما أن يتم التصادم، أو يمر من معبر الميرغنى ليكمل رحلة العبور الحرجة، والتى تعد أقرب إلى منحنيات ألعاب "بلاى ستيشن" لينتهى بالإجبار على السير داخل شريط التروماى.
أحمد يوسف أحد سائقى التاكسى، يرى أن استمرار إغلاق الطريق كان أفضل، من الثغرة التى قاموا بفتحها، ورحلة العذاب التى يقومون بها وكأنهم فى فيلم الطريق إلى إيلات، لافتا إلى أن ذلك يسبب لهم فى مشاكل كثيرة إما فى الانتظار والتعرض للحوادث وخدش التكسى، أو التشاجر مع سائقى السيارات خاصة الملاكى، أو مع الزبائن عندما نفكر فى سلك طرق بديله، لتفادى الانتظار، لكن الزبائن يعتقدون أنهم يصنعون حيل لاستغلالهم، إضافة إلى أن هناك حاله عزوف عن استقلال التاكسى، بسبب الاختناق المرورى فى تلك المنطقة، قائلا،" وللأسف الزبون دايما مستعجل عايزنا نركب جناحات عشان نطير ونريح دماغه".
أيمن حمدى موظف، يقول إن الوضع أصبح لا يطاق، ويؤدى إلى زيادة الاحتقان لافتا إلى أنه يتعرض يوميا إلى سوء حالة النفسية والمعنوية، بسبب تلك المعاناة قائلا" حتى إذا كنا قمنا بثورة، ها يفضل المواطن يقف فى إشارة المرور ساعات عشان البيه المسئول يعدى، أو تقفل الشوارع عشان راحة فرد والشعب يموت.
وأضاف فى سخرية أنه من حسن حظه أن عمله بمحيط التحرير والقصر العينى وهو ما يجعله يخرج من المعاناة هنا إلى تسلق الأسوار هناك، قائلا، أنا أعرف أن النهضة تفتح السكك مش تقفلها.. وأنا أكتر واحد بفطر وبتعشى نهضة كل يوم.
وتساءل إذا كانت الرئاسة، بالفعل تشعر بمعاناة المواطنين، وتعمل على توفير العيش والحرية والكرامة الاجتماعية لهم، كانت بادرت بإصدار قراراتها لقوات الأمن بإزالة تلك الحوائط.
عم مصطفى سائق مينى باص، يقول فى ابتسامة وفكاها المصريين هى فين المشكلة الإعلام دايما بيكبر الموضوع قائلا،" قول كلمة السر افتحى يا نهضة وخلص نفسك بسرعة، هاتبص تلاقى طائر النهضة خدك على جناحه، وتعدى.. ويستكمل سخريته.. حد يجرب كده أحسن أنا بقالى ساعة واقف بقولها الزحمة بتزيد.
وأشار إلى أن المشكلة الأكبر تحدث عند مرور أتوبيس هيئة النقل العام، نظرا لكبر حجمه وما يتسبب فيه من زحام مرورى، نتيجة المدة التى يستغرقها فى المنحنيات، حتى يخرج إلى شارع المرغنى تجاه إشارة روكسى أو العكس تجاه القصر، قائلا،" أنا خايف فى يوم الأتوبيس يتحشر لا يعرف يلف ولا يرجع وصلوا صوتنا زهقنا خلاص، عايزين نحس بالتغيير فى مصر.






