بقلب مذبوح وعيون أهلكتها الدموع تجلس وحيدة فى غرفته تنظر لتفاصيلها التى مازالت تحمل رائحته داخل أركانها، ملابسه التى لم تحركها يد، ومكتبه الذى ترك عليه أوراقه قبل نزوله بساعات ليوم جمعة الغضب الذى تتذكره كما لو مر أمس، ذكرى قاسية على كل أم حرمت صوت ولدها قبل استشهاده دفاعا عن أرضه ووطنه، تتألم عندما تتذكر أنها استيقظت يوم الجمعة ال 28 من يناير منذ عامين تبحث عنه، تنظر لهاتفها الذى لم يفارق يديها فى محاولات عابثة لسماع صوته والاطمئنان عليه يوم انقطعت الشبكات عن إرسال أى إشارة توقف صرخات قلبها الذى حدثها إنها لن تسمع صوت ابنها مرة أخرى، لم تسعفها الهواتف فى الوصول إليه ولم تكفيها دموع العالم حزناً على من فقدته للأبد.
حالها حال أى أم مصرية قطع عنها أخبار "فلذات كبدها "بالميدان ومنعت عنها أخبارهم، قضت ساعات تنتظر أى خبر يأتى ليهدأ من روعها وقلبها يكاد يخترق ضلوعها ليخرج بحثا عنهم فى الميدان.
أغلقت تليفونها فى ذكرى اليوم الذى لم يسعفها فيه، فلم تعد تحتاجه، تضامنت كغيرها مع دعوات مقاطعة شركات المحمول الثلاثة التى انطلقت للمرة الثانية فى الذكرى الثانية لجمعة الغضب على مواقع التواصل الاجتماعى، رداً على القرار التعسفى الذى اتخذته الحكومة فى هذا الوقت من أحداث الثورة.
وعلى قدر تجاوب عدد كبير مع هذه الدعوات إلا أن هناك من لا يتمكن من إغلاق هاتفه أو عدم التحدث من خلاله لأنه يعمل بأحد المهن التى لا تسمح له بإغلاق الهاتف وينتظر مجبرا حتى يتلقى المكالمات الهاتفية التى تتعلق بعمله أو بأحد المهام المطلوب منه تنفيذها.
"أنا مقدرش أقفل موبيلى لأنى طبيب" هكذا بدأ أحمد مجدى طبيب التخدير حديثه لليوم السابع، قائلا على الرغم من تعاطفنا الكامل مع الشهداء، وموقفنا ضد التحكم فى قطع الاتصالات مما ترتب عليه عدم إمكانية الوصول للشباب والفتيات اللذين تركوا ديارهم وذهبوا للمطالبة بالحريات، ولكن مهنتى لا تسمح لى بإغلاق الهاتف لأنى طبيب تخدير ويحتاج زملائى الجراحيين لتواجدى داخل غرفة العمليات، وخاصة مع حدوث العمليات المفاجأة.
واتفقت معه فى الرأى "أية سليم" طالبة جامعية والتى قالت أنها لم تستطع إغلاق هاتفها العام الماضى يوم 28 يناير لأنها ذهبت لاستقبال والدها القادم من السفر فى اليوم ذاته مما جعلها لا تستطيع إغلاق الهاتف انتظار قدوم والدها.
ولكن يختلف عنهم فى الرأى "إسلام عبد المقصود" مهندس كمبيوتر قائلا لا اتفق مع دعوات إغلاق الهاتف أو عدم الحديث به، لأن بهذه الطريقة لن تعيد قطرة دماء واحدة لشهيد سالت على أرض الوطن، وكل ما علينا فعله هو محاولة الثأر من قتلة الثوار الأبرياء بعيدا عن مقاطعة المحمول أو الاتصالات.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة