لم يعد هناك شك أن الثورة المصرية العظيمة قد ولدت فى فترة من أخطر الفترات التى يمر بها النظام الدولى الذى وإن بدت فيه العيوب الكثيرة وبشكل واضح فإنه قد بدا أيضا، أنه يحمل مخاطر كثيرة للبشرية كلها، وأنه يحاول تطوير نفسه ليواصل الهيمنة المستديمة، وخاصة على عالم الجنوب الفقير المهمش.
لعل هذه المقدمة تطرح ما لم يهتم به البعض بخصوص المتوقع والمأمول من الثورة المصرية، خاصة وقد انحرف البعض بالمسارات اللازمة والواجبة على هذه الثورة ليقف بنا عند حدود خلافات داخلية ضيقة الأفق عديمة الأهمية وأحيانا ذات رائحة كريهة، إذا ما قورنت بالأهداف والآفاق التى فجرتها الثورة المصرية، والتى فرضت على العقل الجمعى المصرى، والتى أصبحت جزءا رئيسيا من الثورة، وهو ما يرجع لطبيعة الثورة المصرية والظروف التى أنشأتها والمرحلة التاريخية التى ظهرت فيها.
بداية لا بد وأن نقرر أن الأسباب التى كان لها دور حاسم فى قيام ونجاح الثورة المصرية ترجع إلى ذلك الكم الهائل من الاستبداد السياسى والمظالم الاجتماعية التى عانت منها غالبية الشعب المصرى، وأن هذا الاستبداد وهذه المظالم على خصوصيتها المصرية تعكس أهم ملامح النظام العالمى الجديد الذى سيطرت عليه الرأسمالية الجشعة، ويملك مقاليده صندوق النقد الدولى والبنك الدولى اللذان يخططان بالليل والنهار لاستمرار ضخ الأموال فى جيوب الأغنياء ونزحها من بيوت وجيوب الفقراء.
ولن نبعد كثيرا إذا قلنا إن نيران هذه الرأسمالية لم تسلم منها كذلك المجتمعات الغربية التى اتسعت فيها هى الأخرى مساحات الفقر وأصبح الظلم والجشع هو أهم معالم النظام العالمى الجديد، ولم يعد متوقعا أن يلبى الحد الأدنى من سعادة الإنسان فى أى مكان من عالم اليوم مع التسليم طبعا بتفاوت درجات الشقاء النسبى الذى يعيشه الفقراء هنا والفقراء هناك.
بل إننا نزعم أن الإنسان فى بلادنا يتمتع رغم معاناته المادية بما لا يتمتع به الإنسان فى مناطق أخرى، لما يضفيه عليه الإيمان من الرضا والقناعة والاستقرار النفسى، ولهذا فهو يتمتع باعتدال يؤهله لأن يكون قائدا لثورة تحرر الإنسان دون أن تبغى على الإنسانية، ولهذا أيضا لم يعد من المبالغة أن نقول إن الثورة المصرية بما حملته من قيم إنما تعبر عن مشكلات عالمية وحاجات إنسانية، وأنها إذا أحسنت إدارة ذاتها فإنها ستكون نقطة انطلاق لثورة عالمية تحرر إنسان القرن الحادى والعشرين من مظالم سياسية واجتماعية تفوق مظالم عصور الرقيق وعصور الاستعمار!!
أتصور أننا لو تأملنا بعمق وصدق وروية فى مدى أهمية الثورة المصرية الاستراتيجية والعالمية لما فكرنا لحظة فى أن نحشرها فى ذلك المزنق الذى حشرناها فيه اليوم ولتعاملنا معها بمسؤولية تقلل وتتفه الكثير من المشكلات والخلافات التى تبدو بيننا اليوم، والتى يتصور البعض أنها مدعاة لثورة ثانية!!
لقد كان لمصر أدوار رائدة على الساحة العالمية فى أوقات لم يكن لديها ذات الإرادة السياسية الشعبية التى توفرت لها بعد الثورة، ومن ذلك يجب ألا ننسى دور مصر فى قيادة «عدم الانحياز»، تلك اللحظة التاريخية التى أوجدت شكلا سياسيا رافضا لأخطر مرض ظهر على الساحة الدولية آنذاك، وهو مرض الاستقطاب الدولى.. لهذا فإن مصر الثورة ذات الإرادة الحرة يمكنها اليوم أن تقوم بأدوار أكبر وأهم مما قامت به من قبل.
هذا الأدوار لا يمكن تخيلها أو تصورها دون أن تتجاوز الثورة العقبات التى لا تزال تقف أمامها.. كما لا يمكن تخيلها أو تصورها قبل أن نتجاوز حالة الاستقطاب الحادة التى تعانيها الثورة الآن.. ولا يمكن تخيلها أو تصورها دون رص الصفوف كما رُصت خلال أهم 18 يوما فى تاريخ مصر، والتى أنجزت فيها أهم إنجاز فى تاريخ مصر كلها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الكردي
انتا مين
عدد الردود 0
بواسطة:
كرهناكم
كرهناكم يا قتلة السادات
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور حسن حجاج
الصمت الرهيبى و الطناش و الأستعباط أصبحت ردود فعل الرئيس على ما يحدث فى الشارع المصرى !
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عبد الباقى المحامى
أنت و أمثالك و رئيسك مثال للعقبات التى ستتجاوزها الثورة قريبا إنشألله !
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفي
لا تفرقة
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني محمود
رجل محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
بسبو
لك منى كل التحية
عدد الردود 0
بواسطة:
خليفة
الحق مش عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
العدل
كلام في الصميم
عدد الردود 0
بواسطة:
نضال الشامى
كلام فى كلام