كنا بدأنا الحديث عن أهمية التجدد والتغيير ليس فقط فى المظهر الخارجى ولكن أيضا فى جوهر تكويننا الشخصى وقدراتنا المختلفة، حتى لا نسأم الحياة ولا تسأمنا، فهكذا أرشدنا الله أن التغيير يأتى من النفس أولا بقوله تعالى" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".. وكل إنسان يحيا الحياة بتفاصيلها وأركانها المختلفة، ولذلك فإن التغيير الأكمل والأشمل هو الذى يشمل جميع الأركان، وخصصنا فى المقالة السابقة الحديث عن الركن الروحانى الخاص بعلاقة الإنسان بربه والركن الثانى وهو الركن الشخصى والخاص بعلاقة الإنسان بنفسه، وسنستكمل فى الحديث عن باقية الأركان.
فالركن الثالث هو الركن العائلى لأن العلاقات الإنسانية هى شريان الحياة، فإذا حدث أى خلل فى هذا المسار تأثرت الحياة بالكامل، فكيف تحيا فى سلام وعلاقتك مع أقرب الناس ليست متوازنة، بالتأكيد سينعكس ذلك عليك وعلى حالتك النفسية، ونطلق على هذا الخلل مفهوم المشاكل العقبات فى مسار الحياة والتى بدورها تحيل دون المضى قدما فى الحياة بيسر وسلاسة، فيجب أن تكون العلاقات متوازنة وتتسم بالمحبة والسلام، وقد أوصانا الله بالأمهات والآباء والأبناء وبصلة الرحم بجميع أشكاله لما يترتب عليه من بركة فى الأرزاق والأعمار وحذرنا من قطع الرحم وما يترتب عليه من قلة البركة وانقطاع الرحمات، فلنقف مع أنفسنا فى هذا الركن الحيوى ولندرك أهمية بذل الجهد فيه لصلاح الدنيا.
الركن الرابع الركن الاجتماعى ويأتى دور التوازن فى العلاقات الإنسانية مع من حولنا وحسن معاشرتهم ومعاملتهم، فقد أوصانا الله بحسن معاملة الجار والابتسام فى وجه الآخر والتسامح والعفو عند المقدرة، حب لأخيك ما تحب لنفسك هكذا أمرنا الله أن نحب للآخر ما نحبه لأنفسنا، وفى ذلك صلاح للحال والتيسير فى المعايش بسبب عدم تكوين العداوات وبالتالى العيش فى سلام، العلاقات الإنسانية سواء كانت مع العائلة أو مع المجتمع يمكن تنميتها من خلال تنمية مهارات التواصل والإقناع والتفاوض للوصول إلى حالة توافق مع كل من حولك حتى مع من تختلف معهم فى الرأى ونطبق المقولة التى طالما نسمعها تتردد أن اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية ومن ثم نتقبل الآخر والرأى الآخر.
الركن الخامس وهو الركن المهنى فكل إنسان يسعى للعمل لسد احتياجاته واحتياجات أسرته لقد أوصانا الله على الإتقان فى العمل وأوصانا بالعمل "قل اعملوا فسيرى الله عملكم والمؤمنون"، و"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" لأن فى ذلك صلاح لجميع أحوال الحياة، ومن أجل الإتقان وجب علينا التعلم والتزود بالعلم والمعرفة للوصول إلى تمام الإتقان، ونشر ثقافة التمرين والتدريب، وبذلك نكون خدمنا أنفسنا ومن حولنا فى المجتمع للاستمرار فى التقدم والتنمية لمسايرة التوجهات العالمية والمجتمعات المتقدمة.
والركن الأخير الذى يخدم كل الأركان السابقة هو الركن المادى، فالحالة المادية للإنسان هى التى توفر له الاحتياجات الحياتية وتشبع متطلباته، فكلما زادت ونمت كلما عاش فى رغد ورفاهية وسعادة هو ومن حوله، وبالتالى فإن الله طلب منا السعى وحثنا على أن نترك لأبنائنا ما يغنيهم فى الحياة ولا نتركهم فى حاجة، فوجب علينا السعى الدائم وطلب الرزق من الرزاق الكريم، فرزقكم فى السماء وما توعدون وأمرنا الله بحسن التوكل عليه فلو توكلنا على الله حق توكله لرزقنا كما يرزق الطير، وبهذا المفهوم لا تكون الحياة المادية هى شغلنا الشاغل والمؤرق الدائم فى الحياة بل علينا السعى والحركة بكل ما أوتينا من قوة واليقين بالأجر من الله فهناك قانون ربانى وهو "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا" فإذا توفر العمل والإحسان تأكد الأجر.
فلنسعى دائما من اجل تنمية الحالة المادية وهو ما نطلق عليه بمفهوم الاقتصاد؛ الاستثمار، وكما أن الاستثمار هو تنمية الأموال فإن تنمية العقل والجسد والروح أيضا استثمار ولكن فى ذاتك كى تستغل كل قدراتك الحالية لتحصل عليها بعد مرور فترة معينة بقيمة أعلى، فقدراتك ومهاراتك هى التى تترجم إلى قيمة مادية فكلما زادت ثرواتك الداخلية زادت ثرواتك الخارجية والمادية.. ومن هنا نبدأ فى معرفة حقيقتنا أمام المرأة ولكن مرآتنا الجديدة التى لا تعكس فقط الظاهر منا ولكن تعكس كل نواحى حياتنا حتى نقرر ماذا نريد أن نغير فيها إلى الأحسن ونخرج على الحياة بطلة جديدة.
خبيرة التنمية البشرية رانيا المريا تكتب: طلة جديدة على حياتك
الإثنين، 21 يناير 2013 11:12 م
رانيا المريا خبيرة التنمية البشرية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة