طارق الزمر

كيف نتعامل مع ذكرى ثورة 25 يناير؟

السبت، 19 يناير 2013 08:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن يتصور أحد أن تأتى ذكرى 25 يناير ونجد أنفسنا على هذه الدرجة من الخلاف حول كيفية إحيائها!! فالبعض يرى أن الثورة قد نجحت نجاحا كاملا، وأننا ليس أمامنا إلا أن نحتفل بهذا النجاح، وأننا يجب أن ننسى أو نلقى خلف ظهورنا كل مظاهر الثورة التى عشناها خلال الـ18 يوما أو حتى مظاهر الاعتراض والمظاهرات التى عشناها خلال العامين الماضيين. والبعض الآخر يرى أننا لا نزال نستنبت الثورة فى أرضنا، وكأن شيئا لم يكن، وأننا لم نخرج بعد من عباءة الاستبداد، وأن الفساد لا يزال يعمل بذات الكفاءة دون أن يقترب منه أحد!!
والحق أن الحقيقة هى فى موقع متوسط بين الطرفين، فلا الثورة قد نجحت بالكامل.. ولا مصر قد عادت مصر التى كانت قبل ثورة 25 يناير 2011م، بل إننا بالتأكيد قد نجحنا فى تفجير ثورة من أهم الثورات فى تاريخ العالم وهى فى ذات الوقت أكبر ثورة شهدتها مصر على طول تاريخها، لكن الثورات دائما ما تواجه بالثورات المضادة وتواجه بالتحديات، كما أنها لم تنجح بين يوم وليلة، وأنها ربما احتاجت لسنوات من التدافع والدفع والحركة حتى تحقق أهدافها، وتكمل دورتها وتنجح فى اقتلاع النظام الفاسد بكل سيئاته وسوءاته وتبنى النظام الجديد الذى يعبر عن أقصى طموحات الجيل الذى فجر الثورة وأكبر وأهم تطلعات الشعب فى حياة جديدة تكون بالطبع مخالفة لأسس النظام والحياة التى ثارت عليها.

لهذا لا أرى مبررا لخلاف اليوم الذى تمحور فى موضوع عنوانه: هل نحتفل فى هذا اليوم؟ أم نظل فى حالة حداد وثورة حتى تكتمل ثورتنا وتتكلل بالنجاح الكامل؟! لكن ماذا أقول وقد أصبحت حالة الاستقطاب الأيديولوجى والسياسى الحادة التى نعيشها توجب مواقف بعيدة كل البعد عن العقل والمنطق وتجعلنا نظلم أنفسنا بأنفسنا، ولا سيما ونحن نغفل أن الشعب المصرى قد أنجز إنجازا غير مسبوق فى تاريخه كله، وأنه قد أسقط بالفعل رمزا من أهم رموز الاستبداد والفساد فى العالم المعاصر، وأنه قد خرج لأول مرة منذ 7 آلاف سنة لكى يواجه الفرعون ويأخذ على يديه ويقول له قف مكانك والزم حدودك فلا عبادة للفراعين فى أرضنا بعد اليوم.

إن ثورة الإنسان المصرى التى رأيناها ورآها العالم كله معنا وأبهر بها هى فى حد ذاتها تستدعى أن نحتفى بها وأن نؤكد على ضرورة استمرارها، وأن نعمل على توريثها للأجيال التالية حتى لا تنبت أرضنا استبدادا جديدا أو أى مظهر من مظاهره، والذى طالما شهدته بلادنا وطالما تفردت به عن بقية بقاع الأرض، فلم نسمع فى الدنيا من قال «ما علمت لكم من إله غيرى» سوى فى مصر.. ولم نر استعبادا وفسادا مثل الذى رأيناه على أرضها خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

كما أننا فى الحقيقة نعيش حالة من الشعور بالكرامة والعزة لم نشعر بها من قبل ونحن الذين تعرضنا لنظم سياسية متعاقبة حاولت أن تنسينا آدميتنا وأن تسلبنا كل مظاهر كرامتنا!! كما أننا فى الحقيقة نشعر بحرية لو وزعت على أهل الأرض لوسعتهم.. بل إننا أصبحنا نطمح لما لم يطمح إليه شعب آخر أو إنسان آخر يعيش على غير هذه الأرض.. إننا لا نزال نطمح إلى أن نجعل ثورتنا نقطة انطلاق لنظام عالمى جديد بديلا عن النظام الحالى الذى عفى عليه الزمن، والذى يحمل قدرا كبيرا من المظالم تؤهله للمحاكمة وتقضى عليه بالسجن وربما الإعدام!!

حتى أحلام اليوم هى بدون مبالغة جزء من الواقع الجديد الذى أوجدته ثورة 25 يناير.

لكن كل ذلك لا يلغى حقيقة أخرى لا تقل أهمية عن الحقيقة الأولى، وهى:
أن الثورة لا تزال تقاومها عناصر النظام القديم التى ارتبطت مصالحها ببقائه ولم تتصور أن يأتى عليها اليوم الذى تختفى فيه.. ويضاف إلى هذه العناصر التى أوجدها النظام القديم داخل بلادنا تلك العناصر والقوى الخارجية التى عملت على بناء نظام الاستبداد والفساد فى أرضنا، والتى ارتبطت مصالحها فى مصر والمنطقة ببقائه ولا تتصور أن تنتقل ماكينة هذه المصالح إلى بقعة أخرى فى المنطقة!!

كما أن الحكم الذى أفرزته الثورة فى ظل حالة الانتقال الكبير التى نعيشها لم يستوعب بعد الحقائق الكبرى لمصر الجديدة ولا الواجبات الجديدة التى توجبها الثورة ولا تلك التى توجبها جرائم النظام السابق التى جرفت كل خير فى بلادنا.. ولهذا لم نجد حتى الآن تحركا فى الاتجاه الصحيح أو حتى إشارات تطمئن على المسار القادم.

لقد تحرك الدكتور مرسى فى الشهور الأولى من حكمه بما يدلل على أنه مستوعب تماما للموقف الجديد والحالة الجديدة التى تعيشها مصر، وهو ما جعلنى أطمئن بشكل مبالغ فيه، لكنه فى الشهور التالية والأخيرة لم يستطع أن يتحرك بذات المستوى الذى يواكب طموحات وأحلام الشعب الثائر والمثخن بجراحات الاستبداد والمنهك من ظلم اقتصادى / اجتماعى جعل الكرام منه يبكون أمام شاشات التلفاز وهم يقسمون أنهم أصبحوا يتسولون كى يطعموا أبناءهم!! وفى ضوء ذلك بدا أن الرئيس فى موقف العاجز أو أنه قد حوصر بالمشكلات، وأن البعض قد أصبح لديه قدرة فائقة على عرقلة كل مشروعاته!!

ليس مطلوبا من الرئيس أن يحقق أحلام الـ90 مليون مصرى بين يوم وليلة، وليس مطلوبا منه أن يطعم كل الفقراء والمحتاجين فى هذه الشهور الستة أو أن يقلب العلاقات الخارجية المهينة لمصر رأسا على عقب وبشكل فجائى.

لكن الأهم من كل ذلك أن يرسل إشارات نحو مستقبل أفضل.. إشارات مطمئنة لهذا الجيل الذى أنهك وللجيل الذى سيخلفه فى هذه المسيرة الشاقة والمهمة.. إشارات تبشر بمستقبل زاهر وإن لم يتحقق منه شىء الآن.. إنها إشارات تجعل الجائع يطوى على جوعه وينام وهو يحلم بغد أفضل.. إشارات تجعل الجيل الذى تجرع الذل والهوان على مدى 40 عاما وهو يرى حكامه يلعقون أحذية أعدائه ويستجدون رضاهم فى كل لحظة يصلب عوده ويرفع رأسه ويموت على فراشه عزيزا وهو موقن أن الثورة سوف تغير كل شىء على أرض مصر.

وعلى هذا فإذا عدنا إلى سؤال المقال وجدنا أن الإجابة الصحيحة تكمن فى أننا يجب أن نحتفل بذكرى 25 يناير التى أنجزنا فيها إنجازات تفوق الخيال لكن ذلك لا ينسينا أن الثورة لم تكتمل بعد، وأنها لا تزال محاصرة ومهددة وهو ما يوجب أن يتفق المخلصون على ضرورة بناء برنامج عملى لاستكمالها أو بالأحرى إنقاذها ويكون هذا البرنامج حاكما على كل الحكومات والأحزاب والهياكل الرسمية وغير الرسمية ومعيارا على مدى التزامها بأهداف الثورة.





مشاركة




التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

dr-nancy

قتلة السادات يتكلمون الان

عدد الردود 0

بواسطة:

مش مهم

وماذا عن ذكرى الرئيس الراحل انور السادات

اريد التوضيح من الكاتب؟

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الله

ولن تجد لسنة الله تبديلا

عدد الردود 0

بواسطة:

على يحى

الله عليك يا استاذ

جميل

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد عبد الحافظ

خذوا الحكمة من افواه القتلة والارهابيين

لابنا يخلصنا منكم ومن رئيسكم

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد معدى

الله يرحمك يا سادات

عدد الردود 0

بواسطة:

دكتور سمير رمضان الشيخ

البناء والتعمير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة