لم يعد هناك شك أن الثورة المصرية العظيمة قد فتحت أمام المصريين أبواب الأمل فى غد أفضل على كل المستويات وعلى كل الأصعدة، وأن هذه الثورة قد رفعت سقف طموحات المصريين بشكل لم يحدث من قبل لاسيما بعد أن كشفت عن حجم الفساد اللامحدود الذى كان يمارسه النظام السابق وكل رموزه.
لهذا يصبح من أهم أولويات الحكم والنخبة السياسية المعاصرة هو العمل على استكمال هذه الثورة العظيمة حتى تستكمل حلقاتها وتحقق جميع أهدافها، كما يجب أن يكون معلوما أنه لو حدث- لا قدر الله- وفشلت هذه الثورة أو أجهضت فإن المصير الذى ينتظر الأجيال القادمة سيكون أسوأ من المصير الذى تعرض له هذا الجيل الذى عاش كل عصر مبارك بكل ما فيه، والذى حقق أرقاما عالمية فى كل مظاهر الفساد.
كما أن التاريخ والأجيال القادمة لن تعفى هذا الجيل الذى شهد مولد هذه الثورة من مسؤولية إجهاضها أو حتى معاصرة هذا الإجهاض، وذلك بغض النظر عن توجهه أو انتمائه السياسى أو التنظيمى، فالجميع سيكون حينئذٍ مسؤولاً عن فشل هذه الثورة أو بالأحرى تضييع أثمن فرصة لإصلاح النظام السياسى المصرى الذى شهد استبدادا وترديات ربما لم يشهدها أى بلد ديكتاتورى فى العالم، كما أنه سيكون مسؤولا عن تضييع أهم فرصة لتغيير وجه الحياة فى مصر على مدى عقود طويلة قادمة.
إن حجم المسؤولية يمكن إدراكها بشكل حقيقى إذا وقفنا بدقة على الخسائر والترديات المتوقعة حال فشل أو إجهاض الثورة المصرية العظيمة التى يمكن الوقوف على أهمها كالتالى:
أولا: يجب أن يكون معلوما أن فشل الثورة المصرية سيلقى بظلاله بشكل مباشر على ثورات الربيع العربى، فالثورة المصرية- كما كل شىء فى مصر- له أثر كبير على أوضاع العرب وحالتهم، فإذا فشلت هذه الثورة فلا تتوقع غير ذات المصير للثورات العربية، ومن هنا يمكن أن ندرك لماذا أصبح إجهاض الثورة المصرية فى القلب من المخطط الدولى والإقليمى لإجهاض الثورات العربية، وذلك لأن إجهاض الثورة المصرية سيصب فى النهاية فى بقاء أوضاع المنطقة، كما كانت وبالأخص بالنسبة لمصالح أمريكا وإسرائيل.
ثانيا: كما أن إجهاض الثورة المصرية يعنى بين أهم وأخطر ما يعنى هو عودة نظام مبارك مرة أخرى، أو بمعنى أدق وأخطر هو عودة كل سياساته التى غرست فى مصر على مدى عقود أربعة التى تشربت بها العديد من المؤسسات وصنعت معها شبكة مصالح وعلاقات لا يمكنها أن تعيش دون هذه السياسات. وفى هذا يجب أن نعلم أن الولايات المتحدة، وهى تسعى لتأسيسها وبنائها للأنظمة التى تدور فى فلكها وتعمل لصالحها وتأتمر بأمرها، فإنها تؤسس معها هذه الشبكة من العلاقات والمصالح التى لا تسمح بسقوط تلك النظم، بل تعمل على حمايتها كما تعمل تلقائيا إلى عودتها حال سقوطها.
ثالثا: من بين أهم الأجهزة المرة التى زرعها نظام مبارك فى أرضنا والتى أهانت الشعب المصرى بشكل لم يحدث من قبل والتى تركت خلفها ذكريات مريرة لا يمكن أن تنساها مصر هو جهاز مباحت أمن الدولة، ذلك الجهاز الذى عاد يتهيأ من جديد للعودة على أنقاض الثورة المصرية، ومن ثم فقد عاد يتهيأ لاستئناف مهمته التدميرية، بل الانتقام من كل من أيد الثورة ورضى عنها أو حتى استفاد منها!!
رابعا: لم يعد خافيا أن إمبراطورية رجال الأعمال التى ترعرعرت فى عهد المخلوع هى من أكثر المناطق التى تأثرت بسقوط ذلك النظام الفاسد وبرغم أنها لاتزال تعمل بذات الكفاءة فإنها تنتظر حال نجاح الثورة أن تحرم تلقائيا من ذلك المركز المتميز الذى تمتعت به على مدى أربعة عقود لهذا فهى وحتى إشعار آخر لا تزال مستفيدة بقوة من المراكز التى استفادتها ولاتزال تمتص دماء أهلنا وفقرائنا الذين لم تصلهم ريح الثورة أو حتى رائحتها بعد.
خامسا: من أهم مساوئ نظام مبارك التى ورثها من نظام السادات وأمعن فى تعميقها هى تلك التبعية المهينة للسياسات الأمريكية الإسرائيلية وهى السياسات التى لاتزال متربعة على عرش السياسة المصرية والتى لا يتصور أحد أن يتم التخلص منها بين عشية أو ضحاها، لأنها تحتاج إلى خطة طويلة المدى حتى تكون عميقة الأثر.. هذه السياسات ستعود بشكل أخطر وأسوأ إذا- لا قدر الله- فشلت الثورة المصرية أو لم تستكمل بشكل صحيح.
سادسا: كما أن عودة السياسات الداعمة للمشروع الإسرائيلى فى المنطقة والتى تعدت كل الحدود وفاقت كل تصور ستكون من أهم الثمار المرة لإجهاض الثورة المصرية.. وهنا يجب أن نلاحظ أن «كامب ديفيد» قد أورثتنا وضعية سياسية واستراتيجية وأمنية لا تليق بمكانة مصر ولا تليق بدورها التاريخى القائد وبالأحرى لا تليق بمصر الثورة!! فالثورة تعنى بين أهم ما تعنيه التخلص من كل القيود وبالأخص قيود التبعية.
ثامنا: كما أن تسليم أبنائنا لاستباحة صحتهم وتدمير عقولهم وإنهاء أى إمكانية لتعليمهم تعليما جيدا ستكون نتيجة منطقية لعودة نظام مبارك أو بالأحرى سياساته.. ولا يجب أن ننسى ونحن نعالج هذا الملف الهام أن نظام مبارك قد حقق لأجيالنا أكبر أرقام قياسية فى عدد الأمراض الخطيرة مثل فيروس سى والفشل الكلوى والسرطان!!.
فى الختام: فإننى أهمس فى أذن كل غيور على الثورة وحريص على مستقبل الأجيال القادمة أن يدقق هذه الأيام فى كل تصرفاته، بل كل أقواله، وذلك حتى لا يكون سببا فى هدم الثورة التى أصبحت مصدر عزة المصريين وعزة وكرامة أبنائهم.. كما يجب أن يكون معلوما أنه- لا قدر الله- لو سقطت الثورة اليوم فإنها لن تسقط إلا فى حجر التنظيم الأكثر استعدادا لاستقبالها وهو «تنظيم الحزب الوطنى» الذى يعد الأكثر تنظيما والأكثر استعدادا سواء على مستوى استمرار سيطرته على الكثير من مفاتيح البلاد داخل المؤسسات أو على مستوى سيطرة رجال أعماله على ثروة مصر أو على مستوى التأهل للقبول الخارجى ولاسيما من القوى والدول التى كانت تعد نظام مبارك كنزا استراتيجيا بالنسبة لها!!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ibrahim Massoud
حضرتك عايز تعلق فشلها على الاخرين امام الاجيال القادمة
عدد الردود 0
بواسطة:
البرئ
الى الشيخ طارق
عدد الردود 0
بواسطة:
شريف برعي
ومن هنا يمكن أن ندرك لماذا أصبح إجهاض الثورة المصرية فى القلب من المخطط الدولى والإقليمى ل
عدد الردود 0
بواسطة:
الدهشورى
كبيريا باشا
عدد الردود 0
بواسطة:
جرير عبدالله فيصل\مصري\عمان-الاردن
العين علي مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
د.محمد الغمراوي
بالمنطق
عدد الردود 0
بواسطة:
شعبان معوض
يادكتووووور فشل مين وحازمون عازمووون على الحمايه ! الديكتاتور وزبانيته أنتهو خلاص بح
عدد الردود 0
بواسطة:
مستشار سيد عبد المنعم
نفسنا نعرف ما هى علاقتك بالثورة لتتكلم عنها و بإسمها ! بتجيبوا البجاحة دى منين !!
عدد الردود 0
بواسطة:
السويفى
حازمون اية وكمون اية ياعم روق .زمن البرطعة والبوق عدى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
عندما يصبح القتلة من النخبة