فى خضم ما كنا نعيشه من زخم تولى أول رئيس مدنى رئاسة الجمهورية، مع شكوك حول حجم تعاون المجلس العسكرى معه، وحالة من الترقب والمتابعة الدقيقة للشأن الداخلى المصرى انتظاراً لما ستسفر عنه تلك المتغيرات من أمور، كان هناك ظرف تاريخى آخر تقع أحداثة فى إحدى دول ثورات الربيع العربى وهى ليبيا، فقد توجه الناخب الليبى لأول مرة فى تاريخه السياسى لصندوق الانتخابات لاختيار أعضاء المؤتمر الوطنى العام (مجلس الشعب) بطريقة حرة ونزيهة.
حملت نتائج تلك الانتخابات مفاجأة كبيرة مخالفة لكل التوقعات، فعلى عكس ما حققه تيار الإسلام السياسى فى مصر وتونس من استحواذ على صدارة المشهد الانتخابى، فى مصر عبر الإخوان المسلمين وحزب النور السلفى، وفى تونس عبر تيار النهضة (إخوانى المنشأ والهوى)، أتت النتائج فى ليبيا لتدفع بتحالف القوى الوطنية ذوى الخلفية الليبرالية الذى يقوده أول رئيس وزراء لليبيا بعد الثورة محمود جبريل إلى الصدارة، بينما تراجع حزب العدالة والبناء (الإخوان المسلمين فى ليبيا) مع تحالفه الانتخابى إلى المركز الثانى وبحصيلة مقاعد أقل من نصف ما حصل عليه أصحاب الصدارة، وهو ما قلب الموازين رأساً على عقب وفتح الباب واسعاً للنظر بعمق فى تلك النتائج وكيف صُنعت؟
كما حدث فى مصر مزج النظام الانتخابى الليبى ما بين الانتخاب بنظام القوائم الحزبية والترشيحات الفردية، فأعطى للقوائم الحزبية 80 مقعداً وللفردى والمستقلين 120 مقعداً، ورغم أن النتيجة التى ذكرتها تتعلق بنظام القوائم فقط، إلا أن ذلك لا يقلل من حجم المفاجأة والدلالات السياسية الهامة.
شارك فى الانتخابات العديد من الكيانات السياسية كان من أبرزهم حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، وتحالف القوى المدنية بقيادة رئيس الوزراء السابق محمود جبريل، والذى يضم 40 حزباً والعديد من منظمات المجتمع المدنى والشخصيات المستقلة، كذلك حزب الجبهة الوطنية للإنقاذ المنبثق عن الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا التى تأسست فى 1981 فى الخارج.
أتت النتائج النهائية للقوائم الحزبية لتعطى لتحالف القوى المدنية بقيادة رئيس الوزراء السابق محمود جبريل، 39 مقعداً من أصل 80، بينما حصل حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، على 17 فقط، كذلك حصل حزب الجبهة الوطنية للإنقاذ على 3 مقاعد فقط فيما وزعت بقية المقاعد على أحزاب صغيرة بأعداد ما بين المقعد والمقعدين.
تتلخص أهم أسباب تقدم تحالف القوى الوطنية فى الآتى:
1- الشخصيات التى بداخل التحالف هى شخصيات متعددة الاتجاهات تحظى بقبول كبير ولها شعبيتها بين الشعب الليبى وعلى رأسهم الدكتور محمود جبريل.
2- ينتمى الدكتور محمود جبريل إلى إحدى أكبر القبائل الليبية وهى قبيلة ورفلة صاحبة الانتشار الكبير فى كافة أنحاء ليبيا.
3- حسن إدارة الدكتور محمود جبريل لمنصبه كرئيس للوزراء ووفائه بوعده بالاستقالة فور إلقاء القبض على القذافى.
4- مراعاة البعد العائلى والقبلى فى عملية اختيار المرشحين وهو ما يتضح فى شكل وتركيبة الفائزين.
5- رفض جبريل وصف تحالف القوى الوطنية بأنه تحالف علمانى وليبرالى، قائلا إن الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية أحد مبادئه الرئيسية مما طمأن الشارع الليبى المحافظ وأفرغ حملات الآخرين من مضمونها وأبرزها بالمتاجرين بالشعارات الدينية من دون مشروع وطنى حقيقى.
6- الأداء الباهت لقوى التيار الإسلامى، التى حصلت على أغلبية برلمانية فى كل من مصر وتونس أو حتى المغرب.
أظن أنه لم يُلق الضوء على تلك التجربة الانتخابية ونتائجها وكيفية حدوثها بالشكل الكافى، كان ذلك السبب الأول الذى دفعنى إلى كتابة تلك السطور، أما السبب الثانى فهو التوقيت الحالى الذى نمر به فى مصر فمن أكثر ما يشغلنى وآخرين فى تلك الأيام هو التجهيز للانتخابات البرلمانية القادمة، لعل هناك العديد من التسريبات الإعلامية التى أبرزت بعض الاجتماعات بين ممثلى القوى السياسية لمحاولة الوصول للصيغة الأفضل من التعاون فى الانتخابات القادمة، وأود أن أقول إنه بالفعل تسود روح تبعث بالتفاؤل مختلفة عن اجتماعات شبيهة باءت بالفشل حدثت قبل عام تقريباً لنفس الغرض قبل انتخابات البرلمان الذى حل.
أقتبس جملة أخيرة وأُختم بها وهى للزميلة إسراء عبد الفتاح حينما قالت ما معناه فى أحد الاجتماعات التنسيقية الأسبوع الماضى: إن لم يكن اندماجا فليكن تحالفا وإن لم يكن تحالفا فليكن تنسيقا - تفريغ الدوائر لبعضنا البعض- وإن لم يكن أيا من تلك الحلول فهو كفرَ بين ، كفرَ بين بالنجاح.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
يا راجل
عدد الردود 0
بواسطة:
عونى احمد
لابد من تحالف قوى
عدد الردود 0
بواسطة:
مسلم مصرى
هل حقا فاز الليبراليون ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى عوض
باقي المعلومه الذي لا تراه
عدد الردود 0
بواسطة:
إسلام
انتقاء مشين
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
قراءة متانية للمشهد الليبي