هذا كان حال السيدة البسيطة سماح سعد منذ شهرين، حين قضت هى وأولادها الأربعة وزوجها يومهم الأول فى العراء، بعد أن وضعهم قانون الإيجار الجديد، وسوء الأحوال المعيشية، وقانون الغابة الذى ساد فى مصر على أرصفة الطريق دون منزل أو سقف يحميهم.
وعلى بعد 30 متراً فقط من أبواب قصر العروبة الفخمة، تضع سماح جنبها على كراتين "الشيبسى" المهلهلة فى حضن أولادها الأيتام الثلاثة ملفوفة فى بطانية قصيرة، تتمنى أن تطول ولو شبراً واحداً تستطيع أن تحمى به وجه أولادها من الذباب فى الصباح، وبجانبهم زوجها وبنته الوحيدة فى بطانية خاصة هى كل ما يستطيع تدليلها به بعد أن فقد المنزل، وفقد العمل، ليلجأ لرصيف قصر العروبة على أمل أن يضعه القدر تحت عين الرئيس، أو يستدر عطفه، ويوفر له سقفا يحميه هو وعائلته.
ممدوح السيد والمهنة عاطل هو رب هذه الأسرة، ويحكى لـ "اليوم السابع" بداية قصتهم من السكن فى المنازل العشوائية بمدينه ناصر، حين كان الوضع مستقرا "والأشيه معدن"، ولكن فجأة تغير الحال ويقول "ظهر بلطجية من كل الأنواع والأشكال جعلونا نترك المنزل فى سبيل النجاة بحياتنا وأولادنا، وتوجهنا إلى سكن بالإيجار الجديد فى عزبة النخل".
بعد شهور قليلة ضاع العمل، وبدأ موعد انتهاء العقد المؤقت فى الاقتراب، ليكون ممدوح وزوجته وأولاده طلقاء الشارع للمرة الأولى فى حياتهم، ويقول "معقولة طول الوقت ده محدش شاف حالتنا أنا والأولاد دول وفكر يجيب لينا حتى سقف".
سعيد هو الابن الأكبر لسماح يده المكسورة، وهو لم يتعدَ الصف الرابع الابتدائى فى مدرسة العقاد، تشير إلى مشاجرة عنيفة أو حادث تصادم، ولكن للشارع قوانين أخرى، ويقول سعيد "لا الموضوع أبسط من كده أنا بس كنت نايم".
محاولة الحصول على بعض الخصوصية فوق سلالم أحد المحلات بجوار العائلة، كانت نتيجتها كسر يد سعيد، ويقول "طلعت أنام على السلم بس وأنا نايم اتقلبت ووقعت على السلم الطويل وعشان كده إيدى اتكسرت".
"حجرة فى أى مكان أمان" تقول سماح سعد، وهى تصف حلمها وحلم أولادها من هذه الدنيا التى ضاقت بكل ما فيها، على أن تكفل لهم الحق فى سقف يحميهم.











