على مدى خمسة أيام ليس للوسط السياسى والإعلامى حديث سوى مؤتمر انطلاق «التيار الشعبى» الذى تقوده رموز التيار المدنى والمرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى والعديد من الائتلافات والحركات الوطنية، ولا شك فى أن ميلاد هذا التيار بهذا الشكل الحضارى المبهر يبعث على التفاؤل بمستقبل مصر فى ظل تعددية سياسية حقيقية بعيدا عن الشعارات العاطفية المبتذلة، فمن مصلحة الوطن أن تستشعر القوى الحاكمة بجدية المعارضة فتسعى جاهدة من أجل الإصلاح والتفانى فى خدمة المواطن، ومن مصلحة المعارضة أن توحد أهدافها وتبلور مشاريعها من أجل الاستعداد للحكم إذا ما عجز الحاكم أو أساء، أو حتى إن استطاعت أن تقنع الناس بأنها أفضل من الحزب الحاكم الحالى، وأكثر قدرة منه، حتى إن لم يفشل، فنكون بذلك قد ضمنا آليات انتقال السلطة للأفضل دائما، وضمنا أن يسير الوطن نحو تقدمه المنشود دون دفع ضرائب الثورات والاحتجاجات، لكن لأننا مازلنا «مستجدين» فى الديمقراطية وآلياتها، وقع الطرفان - التيار الشعبى والتيار الحاكم - فى أخطاء من العهد الماضى، التى أرى أنه من الواجب أن أشير إليها لعلنا نتعلم فضيلة الالتفاف حول الوطن، وآليات التنافس الشريف.
أول الأخطاء التى وقع فيها الطرفان هو الاحتكام إلى أعداد المشاركين فى المؤتمر، فأنصار التيار الشعبى يرددون أن أعداد المشاركين فى المؤتمر زادت على الخمسين ألفا، بينما يردد أنصار التيار الإسلامى أن أعداد المشاركين فى المؤتمر لم تتعد بضعة آلاف، وفى الحقيقة فإنى أرى أن كلا الرقمين «باطل» ودون الدخول فى مهاترات التفاخر بكثرة الأعداد أو الذم بقلتها، أؤكد أن تلك الواقعة أكدت أننا مازلنا نتمتع بأخلاق القبيلة، وأننا لم نستعب بعد درس الثورة التى حركتها «قلة» وأشعلتها «قلة» وأجزم أيضا أننا لم نستعب الدرس من القرآن الكريم الذى نهانا عن التفاخر بالأعداد إذ قال رب العزة «ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر» وكان سبب نزول هذه الآية هو أن قبائل العرب كانت تتفاخر بأعدادها ويقولون إن أبناء القبيلة الفلانية أكثر من أبناء القبيلة الفلانية، ثم امتدت حالة التفاخر إلى القبور، فكانوا يقفون على مشارف مكة يقولون انظروا أمواتنا أكثر من أمواتكم، فنزلت تلك الآية لتذم تلك العادة القميئة التى للأسف مازالت سارية حتى الآن.
كل ما أرجوه أن نتعلم من الآن أسس التنافس الحقيقى، وأنى لأعلم أن حالة التفاخر بأعداد المشاركين فى المظاهرات كانت رائجة إبان الثورة، وذلك كان ردا على ادعاءات نظام مبارك بأن المشاركين فى الثورة كانوا «قلة» لكنى أرى أن استمرار هذه الحالة هو ضمانة لاستمرار الشعبوية السياسية والتناحر القبلى وليس السياسى، إذ لا بد أن يكون التفاخر الآن بالمشاريع الوطنية التى يستطيع أن يقدمها كل تيار، ومدى جديته وقدرته على الحكم، ومدى نجاحه فى ما وعد بإنجازه، وغاية أملى أن يعتبر كلا التيارين من هذه الواقعة، ليفكرا فيما بعد، فأمامنا وطن يستحق أن نجتهد من أجله بشكل حقيقى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مروان
ياشعب مصر : - ( وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ )
عدد الردود 0
بواسطة:
موطن
رأس المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
aly
أضحكتنى يافتى ما هذا الفقه فى تفسير الأية الكريمة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الشيخ
الله ينور يا سمري
التعليق في العنوان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حامد وليس محمد أبو حامد
أقولها ياوائــــل مقالك من مقالاتك القلائـــــــــــــل
عدد الردود 0
بواسطة:
الضحاك
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
رقم 3 ايه الذكاء ده
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
عنصر التفوق الأخلاقي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الفتاح .اوسلو
كفاك