د. رضا عبد السلام

فعلت تركيا ما لم يفعله الأشقاء!

السبت، 22 سبتمبر 2012 11:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تركيا ليست دولة عربية أو عضو فى جامعة الدول العربية! تركيا هى بلد إسلامى، كانت يوماً ما عاصمة للخلافة الإسلامية، يُحسب لتركيا وقادتها العظام، خاصة رجب طيب أردوغان، أنهم استطاعوا الانتقال بتركيا فى أقل من عشر سنوات من اقتصاد متداعٍ، يعانى شبح الانهيار مطلع الألفية إلى اقتصاد واعد، أبهر العالم بمعدلات نموه، يُحسب لتركيا أيضاً أنها كانت فى مقدمة دول العالم التى بادرت بتقديم يد العون لمصر، عندما أعلن السيد رجب طيب أردوغان أن تركيا تقدم لمصر كتاباً مفتوحاً، لتسطر فيها ما تحتاجه من الشقيقة تركيا.

تركيا لم تُذِل ولم تهين ولم تعاير المصريين أو مصر العربية (الشقيقة الكبرى) بفقرها، تركيا لم تعلن معارضتها لما تشهده مصر من ثورة على الظلم، رغم أن فى دعمها لثورة المصريين ربما وأد لحلمها باستعادة إمبراطوريتها! تركيا لم تعلن العداء لمصر وللمصريين، ولم تقطع أرزاق المصريين لمجرد أنهم أرادوا الحياة بكرامة شأنهم شأن باقى خلق الله.
يعلم العالم أجمع ما تعانيه مصر من أزمة اقتصادية طارئة، وطبيعية عقب ثورة حقيقية على الفساد، والتى قد تعصف بأحلام الثورة، يعلم الأشقاء فى الخليج أن مصر لم تبخل يوماً على شقيقاتها، بل كانت مبادرة – دون منة منها أو من شعبها على أحد – فى دعم أشقائها العرب خلال السنوات العجاف، وأرجو ألا يتوقف أحد عند التصرفات الصبيانية للبعض فى هذا الطرف أو ذاك، ولكن هكذا كانت العلاقة بين الأشقاء، وهكذا ينبغى أن تكون.

لا يمكننا أن ننسى الموقف المشرف لكل من السعودية وقطر، حيث أعلنا ووعدا، ونفذا بالفعل الكثير مما وعدا به تجاه الشقيقة مصر، ولكن موقف باقى الأشقاء يدعو إلى الريبة وإلى تساؤلات كبيرة ومهمة، وأتوقف هنا مع موقف الأشقاء فى دولة الإمارات، وأقول لهم، إن صدمتنا كبيرة، وكبيرة جداً، ليس لأنكم لم تقدموا الدعم المادى لمصر، فهذه مشكلة وقتية سرعان ما سنخرج منها، ولكن صدمتنا هى من موقفكم العدائى من الثورة المصرية، وإرادة شعب مصر، إن صدمتنا كبيرة لأننا كثيراً ما كنا نؤكد على أن حكومة وشعب الإمارات يأتيان على رأس قائمة الشعوب الخليجية حباً للمصريين، وحباً لكل ما هو مصرى.

من هنا كانت صدمتنا أيها الأحبة، كنا نتوقع أن يترجم هذا الحب فى شكل تأييد لما خلصت إليه إرادة شعب أراد الحياة، لا أن تناصبونا العداء، أو تقطعون الأرزاق، مع أن الأرزاق بيد الواحد الرزاق.

والحقيقة أننى – شأنى شأن الملايين من أبناء مصر – لا يمكننى أن أنسى صاحب الذكرى العطرة الشيخ زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، ذلك الرجل الذى أحب مصر فأحبته كل ذرة تراب على أرض مصر وليس فقط شعبها، ما كنا نتمنى أن يتدخل أحد فى شأن من شئوننا، خاصة فى مرحلة حرجة نقرر فيها مصيرنا، فالإمارات على وجه الخصوص من أكثر الدول الخليجية استقراراً، فلم الجزع إذاً، من جهة أخرى، لم يصدر - ولن يصدر - أى شىء من جانب مصر وشعبها المحب للإمارات يتعلق بالشأن السياسى أو غيره، ومن يتذكر شيئا يحسب على شعب مصر يتفضل بتوضيحه، وإلا فإن ما يحدث من قِبَل الأشقاء فى الإمارات لن يفسر إلا على أنه انتقام من شعب مصر لأنه "فقط" أراد الحياة! وما قيل بالنسبة للأشقاء فى الإمارات يقال بالنسبة للأشقاء فى الكويت وغيرها.

من حقكم أن تحبوا مبارك، ومن حقنا أيضاً أن نخلعه بعد أن ذقنا على يديه مرارة الظلم والمهانة والتحقير، كفانا الله وإياكم شر الظلم الظالمين.

ففى الوقت الذى أغلق فيه الأشقاء أبوابهم أمام شعب الكنانة، ها هى تركيا تعلن بقلب صاف عن مدّ يد العون للمحروسة وشعبها، فشكراً ثم شكراً لهذه الدولة الفتية، التى حققت نهضة اقتصادية كبرى أذهلت الكثيرين. وكنت قد كتبت مقالاً على صفحات هذه الجريدة المحترمة عقب قيام ثورتنا بأيام، أى منذ ما يقارب العامين، وأشرت فيه إلى تجربتين إسلاميتين جديرتين بالمحاكاة، وهما التجربة الماليزية والتجربة التركية، فها هى تركيا تفتح لنا ذراعيها، وعلينا أن نبادر بتعزيز علاقاتنا الثنائية معهما.

وفى الختام، لى همسة فى آذان الأشقاء العرب، "ليس من مصلحتكم ولا من من مصلحة مصر أن نتشتت أو أن يعادى بعضنا بعضاً، أرجو ألا تستمعوا إلى رؤوس الفتنة ودعاة الفرقة، معروف جيداً أن ابتعاد مصر عن أشقائها العرب يصب فى مصلحة مَن! فما تشرذم العرب إلا عندما تم إبعاد مصر "مبارك" عن أشقائها، ها هى مصر تعود إلى شقيقاتها وتمد يدها، فلا تردوها خائبة، لأن التاريخ لن يرحم كل متجاوز فى حق هذه الأمة".
أنا على يقين تام بأن مراكز الأبحاث الغربية تعمل ليل نهار لتقييم انعكاسات تلك الثورات والتحالفات بين مصر وتركيا... الخ، وانعكاسات كل هذا على سلطة الغرب على المنطقة العربية... مؤكد أنه ليس من مصلحة الغرب حدوث أى تقارب بين مصر وتركيا أو إيران، والأهم بين مصر وشقيقاتها العربية، فهل نعى الدرس ونصبح فاعلين، أم سنبقى مفعولاً بنا!.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة