الإساءة لا تواجه بالإساءة أو بالرفض أو الغضب ولكن توقف بالحزم بتدابير من شأنها تنتج عنها إنهاء هذه الإساءة، فعندما نقابل الإساءة بالإساءة نفقد حقنا، وعندما نواجهها بالغضب نفقد السيطرة على ردود الأفعال فنخطىء، فالغضب مشاعر أما ما نحتاجه أفعال ناجزة.
مؤخرا كانت الفتنة الموجهة والمقصودة لمليار ونصف من مسلمى العالم وكان رد الفعل أيضا الرفض والغضب وجملة غير مقبول كانت السائدة للتعليق على الإساءة للأديان والمقدسات سيل من الرفض وعدم القبول لا يعد ولا يحصى، ولكن أين المقبول وكيف نصل إليه قضية بعيدة عن أفكارنا.
وفى النهاية مشهد من الرفض والغضب ومصر الضحية.
المسىء لا يثبت بإساءته سوى حقيقة واحدة أنه مسىء أما رأيه فهولا يعبر عن حقيقة من أساء إليه إنما هو تعبير عن رأيه فقط.
وإذا أردنا تغيير الإساءة وجب علينا إثبات الحقائق حول خطئها ، وهذا هو واجبنا الأول التحول من حالة الغضب والاستنكار إلى حال الفعل وإزهاق الباطل بالحق ومواجهة الفيلم المسىء بأفلام تظهر حقائق تدمغ الأكاذيب.
وكفانا جملة "غير مقبول" التى تتردد على أسماعنا من مختلف الأطراف لمواجهة أفعال الطرف الآخر ويواجه الاعتراض باعتراض.
بداية من: غير مقبول الإساءة إلى الأديان والمقدسات ويقابله غير مقبول تهديد المنشآت الحيوية للدولة وسفارات الدول، غير مقبول العنف غير المبرر، وأمامه غير مقبول العبث فى مقدرات الوطن، ثم غير مقبول حرق مصر وحرق قلوبنا عليها، غير مقبول مواجهة الاحتجاجات والاعتصامات فهوحق مكفول، غير مقبول انتهاك حقوق الإنسان من قبل الجهات الأمنية، ويقابله غير مقبول التعدى على سيادة وأمن واستقرار الدولة.
فمن باب أولى أن نواجه ما نرفضه ولا نكتفى بإعلان رفضنا أو حتى بكاءنا على ما آلت إليه الحال ونبدأ بالتساؤل كيف تواجه الدولة المظاهرات والاعتصامات والمطالب بطريقة مقبولة وكيف يطالب المتظاهرون والمعتصمون بمطالبهم بما هو مقبول؟ كيف نتصدى للعبث بالمقدسات بما هو مقبول وقانونى حتى لا ينقلب إلى إراقة دماء وفوضى؟ كيف نجعل هدفنا تغيير ما هو مرفوض إلى ما هو مقبول ولا ينتج عنه أى تهديد للدولة بأى طريقة؟ كيف نضيق الفرص على كل من يريد الاستفزاز العاطفى والعبث بأمن مصر وإثارة الفتن لأجل مصالحه الشخصية.
وفى النهاية الغاية يجب أن تتناسب مع الوسيلة فإذا كانت الغاية التصدى للإساءة أو إنهاء الأخطاء فيجب اتباع الوسائل التى لا تصل بالحال إلى ما وصل عليه من الزج بنا إلى سعير الفتن، خاصة إذا كان هذا الحال مبهما غير مفسر ويشار بأصابع الاتهام إلى أطراف كثيرة فهو أيضا حال غير مقبول.
فهل من المقبول أن أكمل فى طريق ملىء بالنيران ولا أرى عواقب استكمال هذا الطريق، أم أقف لأجد بدائل تصل بى إلى الهدف من طريق آخر.
كفانا رفضا وبكاء ونحيبا فهذا وقت الحلول التى تفيد وتحليل ما يحدث بطريقة منهجية بعيدا عن العواطف كيف نجعل المرفوض مقبولا وتوجيه أفكارنا إلى الناحية الإيجابية والفعل والحل.
أعتقد أنه آن الأوان لمبادرة نحو الفعل الإيجابى حتى لا نكتفى بسلبية رفضنا، ولكن نبادر بإيجابية تغيير ما نرفض ونتساءل كيف نصل إلى أهدافنا بالمقبول فعلى كل طرف تحمل مسئوليته الوطنية حتى لا نعطى الفرصة لأعداء مصر أن ينفذوا مخططاتهم عن طريق ردود أفعالنا الانفعالية وبعدنا عن العقلانية.
والمطلوب الآن حشد الجهود لإصدار تشريع يجرّم المساس بالأنبياء وحث وزارتى الخارجية والعدل لتحرك رسمى لمواجهة مثل هذه الجرائم قانونيًا وسياسيًا، كما على مؤسسات المجتمع المدنى القيام بواجبها تجاه توعية وتوجيه التحركات الشعبية الغاضبة لتكون أكثر تأثيرًا وفاعلية حتى نواجه الإساءة بإنهائها وليس الاكتفاء برفضها.
خبيرة التنمية البشرية رانيا المريا تكتب: كيف نواجه الإساءة
الإثنين، 17 سبتمبر 2012 01:50 م
رانيا المريا
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مريم سحاب
الا رسول الله
عدد الردود 0
بواسطة:
Rania El Maria
حد السيف