لا شك أن زيارة الدكتور مرسى، رئيس الجمهورية، إلى كل من الصين وإيران تُعيد مرة أخرى دور مصر الإقليمى والدولى لوضعه الطبيعى، بما يتناسب مع قيمة مصر ومكانتها فى المنطقة، بعد أن قزّمها وقلّص دورها النظام البائد.
ويواجه الرئيس مرسى وضعًا اقتصاديًا مقلقًا، لعدة أسباب، منها انخفاض الاستثمارات الأجنبية، فالصين بالنسبة لمصر تُعدّ من الدول الأولى التى نستورد منها تقريبًا كل شىء، ومن ثمَّ إتاحة الفرصة لرجال الأعمال المصريين للتواصل مع الجانب الصينى تتيح لمزيد من التواصل، والتبادل التجارى بين البلدين، بما يزيد من حركة وانتعاش الاقتصاد المصرى، وكذلك لاجتذاب المزيد من الاستثمارات والسياحة الصينية، ويجب على رجال الأعمال المصريين التركيز على المجالات التى تتمتع مصر بميزة نسبية فيها، والاستفادة مما تقدمه مصر من مزايا تصديرية كبيرة من خلال اتفاقيات التجارة التفضيلية التى أبرمتها مع العديد من دول العالم.
أما على المستوى الحكومى فقد تم خلال الزيارة توقيع عدة مذكرات تفاهم لسبعة مشروعات كبيرة، منها محطة توليد كهربائى فى كوم أمبو فى صعيد مصر، و27 صومعة حبوب، ومحطة لتحلية مياه البحر فى مرسى مطروح، ومخابر صناعية، وكذلك تطوير الإنترنت فائق السرعة. وقدمت مصر للصين دراسة لبناء خط قطار فائق السرعة يختصر المسافة بين القاهرة والإسكندرية، ثانى أهم مدن البلاد، فى أربعين دقيقة، مع إمكانية مد الخط إلى صعيد مصر.
ولا بد من الاستفادة من التجربة الصينية فى استقدام التكنولوجيا الأجنبية، وإعداد الكوادر الوطنية المدربة على استخدامها، وعدم الاقتصار على استيراد المنتج النهائى.
والزيارة التى يقوم بها الرئيس محمد مرسى لإيران هدفها تعزيز مكانة مصر الإقليمية، وتمثل أيضًا محاولة للضغط على إيران لوقف دعمها للنظام السورى. وبطبيعة الحال ستحيى من جديد نفوذ مصر فى المنطقة، حيث تمثل هذه الزيارة محاولة لاستعادة مصر دورها الإقليمى الذى تراجع بشدة فى حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك.
فالعلاقات المصرية الإيرانية توترت بشدة طوال حكم مبارك الذى دام 30 عامًا، حيث قطعت إيران العلاقات الدبلوماسية مع مصر بعد استضافة شاه إيران ودفنه فى مصر، وتوقيع السادات معاهدة السلام مع إسرائيل، إلا أن كلا البلدين حافظ على قدر من الاهتمام ببعضهما البعض.
وهذه الزيارة تعنى عودة سريعة للعلاقات الكاملة بين مصر وإيران، فمثل هذا التطبيع الكامل له حساباته الخاصة التى ترتبط بالموقف داخل مصر وبالمشهد الإقليمى بأكمله.
وبالرغم من التحسّن الذى يلوح فى الأفق فى العلاقات بين القاهرة وطهران، فإن هناك مخاوف بين مسلمى مصر السنة من أن إيران الشيعية ستسعى إلى تعزيز التشيع بين سكان البلاد البالغ عددهم 82 مليون نسمة.
عمومًا أتصور أن هذه الزيارات الخارجية فى هذا الوقت الشديد الأهمية تُمثّل نقلة مهمة فى الاتجاه الصحيح لتدعيم دور مصر الإقليمى والدولى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ashraf
مقال رائع